لم أقف على نص للفقهاء في حكم علاج الفقير من الزكاة، إلا أن العلاج مما يدخل في مفهوم الكفاية التي اختلف الفقهاء حول الحد المستحق للفقير منها، فيكون حكم صرف الزكاة في ذلك منبنيًا على ما تقدم تقريره من اتفاقهم على استحقاق الفقير كفاية السنة، واختلافهم فيما زاد على ذلك، فيكون صرفها في التكاليف العلاجية التي يحتاجها الفقير لسنة واحدة مشروعا عند الجميع، وأما ما زاد على السنة فإنه يُشرع عند القائلين باستحقاق الفقير لكفاية العمر؛ وهم الشافعية والحنابلة في رواية (١)، إلا أن تجويز صرف الزكاة لعلاج الفقراء لا بد له من ضوابط، وهي على النحو التالي:
١ - ألا يتوفر علاجه مجانًا، فإن توفر فلا يجوز صرف الزكاة متى كان الاستطباب مُحَقّقًا للمقصود من دفع المرض، مع عدم المنَّة في ذلك، كما لو أمكن علاجه في المستشفيات الحكومية، وكان ممن تنطبق عليه شروطها.
٢ - أن يكون العلاج لما تمس الحاجة لمعالجته من الأمراض، فأما ما كان من الأمور التجميلية الكمالية، أو كان من الأمراض اليسيرة الشائعة التي لا يلحق الشخصَ بتركها ضررٌ، فإني لا أرى مشروعية صرف الزكاة لعلاج مثل تلك الأمراض؛ لخروج ذلك عن الحاجات الأساسية التي يحتاجها الفقير، والتي شرعت الزكاة في هذا المصرف لسدها.
٣ - أن يراعى في مقدار تكاليف العلاج عدم الإسراف والإقتار، فمتى تحقق المقصود من العلاج بتكاليف أقلَّ لم يلجأ إلى ما هو أعلى من ذلك؛ لأن القصد هو دفع المرض، فمتى تحقق ذلك بمقدار، كانت مجاوزته سرفًا، وهو محرم، كما قال