للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثالثًا: أن اعتبار الحول الشمسي في الزكاة المتمثل بالتاريخ الميلادي يؤدي لتأخر دفع الزكاة قرابة أحد عشر يوما، لزيادة الحول الشمسي عن الحول القمري أحد عشر يومًا، مما يترتب عليه ترك المسلم لزكاة سنة كاملة كل ثلاثين سنة تقريبًا، مما يعني تفويت ملايين المسلمين لزكاة عام مرة أو مرتين في أعمارهم، وهذا بلا شك يلحق الضرر بمصالح الأمة العامة والخاصة المنبثقة من مصارف الزكاة الثمانية (١).

رابعًا: أن الاعتداد بالحول الشمسي يترتب عليه عدم تعلق الزكاة بذمة مزكيها في حال نقصان نصابه أو وفاته بعد تمام الحول القمري وعدم تمام الحول الشمسي، أي عدم وقوع ذلك في المدة الفارقة بين الحولين، وهي أحد عشر يومًا تقريبًا، وفي ذلك مفسدة لا تخفى، وتضييع لحق الله وحق عباده.

فإن شقَّ احتسابها بالتاريخ الهجري مشقَّة معتبرة، فيجوز احتسابها بالتاريخ الميلادي بناء على جواز تأخير الزكاة عند الحاجة لذلك (٢)، لا سيما أنَّه تأخير يسير (٣)، والمشقَّة تجلب التيسير (٤)، مع التقييد بما يلي:


(١) وهي المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)} [التوبة: ٦٠].
(٢) ويتضح ذلك جليًّا في حق بعض الشركات التي تؤسس ميزانيتها المالية بالتاريخ الميلادي، لارتباطها بفروع عالمية تعمل وفق ذلك التاريخ، لكونه المعتمد عالميا، مع ما يوفره لأرباب الأموال من زيادة في وقت العمل تقدر بأحد عشر يوما سنويا، مع ثبات بداية كل شهر فيه ونهايته، وعدم تعلق ذلك بالرؤية الشرعية.
(٣) فجمهور أهل العلم على القول بوجوب الزكاة على الفور، وهم مع ذلك يجيزون تأخير الزكاة لأعذار تجمعها الضرورة أو الحاجة المعتبرة. ينظر: بدائع الصنائع ٢/ ٤، المدونة ١/ ٣٧٠، أسنى المطالب ١/ ٣٦٦، الفروع ٢/ ٤٥٣.
(٤) ينظر: الأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٧٦)، والمنثور في القواعد الفقهية ٣/ ١٧١.

<<  <   >  >>