للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: إن وزن الدرهم الشرعي سبعون حبة شعير، وهو قول الحنفية (١)، ولم أقف على أدلة للفريقين، إلا أنَّ الأرجح هو رأي الجمهور، وذلك لموافقة ذلك لما وجد من دنانير قديمة كما سيأتي بيانه.

ويمكن الجمع بين القولين بأنَّ وزن الدرهم يتراوح بينهما لاختلاف حبة الشعير (٢).

وأما اختلافهم في أنواع الدراهم، فقد ذهب بعض الباحثين المعاصرين، كعلي باشا مبارك ومحمود الخطيب -رحمهما الله- إلى أن الدراهم نوعان: دراهم نقد، ودراهم كيل (٣)، ولا دليل بَيِّنٌ على ذلك، بل الأظهر أنَّ الدرهم نوع واحد، وهو الدرهم النقدي الشرعي، فإذا استعمل في المكاييل كان درهم كيل، وإذا استعمل في المعاوضات كان درهم نقد، وقد أشار إلى ذلك أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- ولم ينص أحد من المتقدمين -فيما وقفت عليه- على خلاف ذلك (٤).


(١) ينظر: حاشية ابن عابدين ٣/ ٢٠٦.
(٢) قال محمد نجم الدين الكردي في المقادير الشرعية (ص ١٠٧): "لا جدال أن تقويم الدراهم والمثقال على أساس وحدات الحبة تقويم غير دقيق، وذلك لأنَّ الحب يختلف حجمًا ووزنًا في كل أرض عن غيرها بحسب اختلاف نوع الحبة في أرض عن أخرى، فالحب في مصر يختلف حجمًا ووزنًا عنه في العراق والشام والحجاز، لذلك كان تقويم الدرهم بالحب متفاوتًا في كل بلد عنه في غيره، فلا تصلح معيارًا تقدر به الموزونات، وما يقال بالنسبة لحبة القمح يقال بالنسبة للشعير والحمص". ولذا فإنني لم أعتمد في تقدير وزن الدرهم على وزن الشعير أو غيره، وإنما استأنست به، واعتمدت على النسبة الثابتة بين الدرهم والدينار الشرعي الموروث من عهد عبد الملك بن مروان، وذلك بعد وزنه ثم نسبة كل عشرة دراهم إلى سبعة دنانير، وهي نسبة متفق عليها، انظر: الأموال (ص ٥٢٢).
(٣) ينظر: الخطط التوفيقية ٢/ ٣٥، والميزان في الأقيسة والأوزان (ص ٤٣)، كلاهما لعلي باشا مبارك، وتابعه على ذلك محمود الخطيب في بحثه معادلة الأوزان والمكاييل الشرعية بالأوزان والمكاييل المعاصرة ضمن أبحاث وأعمال بيت الزكاة الكويتي (٩/ ١٤٥).
(٤) ينظر: الأموال (ص ١٣٩، ٥٢٢)، والإيضاح والتبيان (ص ٥٤)، وقد خالف في تقسيم =

<<  <   >  >>