للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: أنه سئل عن ستين ألف قضية، فأجاب عن جميعها بـ: حدثنا، وأخبرنا، وهذا ما لا يدخل تحت وُسْع أحدٍ من المجتهدين، فضلاً عن غيرهم، ولقد سُئل كثير من الأئمة عن أقلَّ من معشار عشرها، فأحجم عن الجواب عن أكثرها (١)، وإلى هذا أشار الإمام الصرصري في لامِيته بقوله: [من الطويل]

حَوَى أَلْفَ أَلْفٍ مِنَ أَحاديثِ أُسْنِدَتْ ... وأَثْبَتَها حِفْظاً بِقَلْبٍ مُحَصِّلِ

أجابَ على سِتِّينَ ألفَ قَضِيَّةٍ ... بِأَخْبَرَنا لا مِنْ صَحائِفِ نُقَّلِ

وكَانَ إِماماً فِي الحَدِيثِ وحُجَّةً ... لِنَقْلِ صَحِيحٍ ثَابِتٍ ومُعَلَّلِ

وكَانَ إِمَاماً في كِتَابٍ وسُنَّةٍ ... وعِلْمٍ وزُهْدٍ كامِلٍ وتَوَكُّلِ (٢)

وأقول: ينبغي أن يلحق بما ذكر رابعةٌ: وهي ما ذكره الحافظ ابن الجوزي وغيرُه من الأئمة: أنه لما تُوفي الإمام أحمدُ بنُ حنبل - رضي الله عنه -، أسلمَ يومَ موتِه عشرون ألفاً من اليهود والنصارى والمجوس (٣)،


(١) إلا ما رواه الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي في "المعرفة والتاريخ" (٢/ ٢٣٨)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٥/ ١٦٢)، عن الهقل بن زياد: أنه قال: أجاب الأوزاعي في سبعين ألف مسألة، أو نحوها.
وروى ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٥/ ١٦٣)، عن أبي زرعة أنه قال: بلغني أنه دوَّن عنه -أي: الأوزاعي- ستين ألف مسألة.
(٢) للشيخ الفقيه الأصولي سليمان بن عبد القوي أبو الربيع نجم الدين الطوفي الصرصري، المتوفى سنة (٧١٦ هـ)، قصيدة في مدح الإمام أحمد وأصحابه، ذكرها له ابن رجب في "ذيل طبقات الحنابلة" (٢/ ٣٦٨)، وفي مواضع أخرى. وانظر: "كشف الظنون" لحاجي خليفة (٢/ ١٣٤٣).
(٣) انظر: "تاريخ بغداد" للخطيب (٤/ ٤٢٢)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (٥/ ٣٣٣)، و"الأنساب" للسمعاني (٢/ ٢٧٧)، و"البداية والنهاية" لابن كثير (١٠/ ٣٤٢). قال الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (١١/ ٣٤٣) بعد أن ساق هذه الحكاية بإسناده: "هذه حكاية منكرة، تفرد بنقلها هذا المكي عن هذا الوركاني، =

<<  <  ج: ص:  >  >>