وقال بعض شراح العمدة: هو كلثوم بن الهدم؛ وكأنه يقول: إن القائل: كلثوم بن زهدم تصحيف والتباس، وأن صوابه: كلثوم بن الهدم.
قال البرماوي: وهذا لا يصح -أيضًا-؛ لأن كلثوم هذا، كان شيخًا كبيرًا من الأنصار، نزل عليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حين قدومه في هجرته إلى المدينة، وأقام عنده أربعة أيام، ثم خرج إلى أبي أيوب الأنصاري، أو سعيد بن خيثمة -على الخلاف المشهور فيه في السير-، وما كان يؤمر -يومئذ- على سراياه أحدًا من الأنصار، بل لم يخرج أحدٌ من الأنصار في شيء من السرايا الواقعة قبل بدر.
وأيضًا، فقد نقل ابن عبد البر، عن الطبري: أن كلثوم بن الهدم أول من مات من الأنصار، بعد مقدم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المدينة؛ مات بعد قدومه بأيام، في حين ابتدأ بنيان مسجده وبيوته، وكان موته قبل موت أبي أمامة أسعد بن زرارة بأيام (١).
ومات أسعد بن زرارة في شوال، على رأس ستة أشهر من الهجرة، والسرايا إنما كانت بعد ذلك.
فأول راية عقدت: لعبيدة بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف، في ربيع الأول، بعد مقدمه باثني عشر شهرًا، وقيل: لواء حمزة إلى سيف البحر، وقيل: أرسلهما معًا.
والذي صححه الحافظ مغلطاي: أن أول سرية سرية حمزة، في شهر رمضان، على رأس سبعة أشهر. وبذلك قال ابن حزم؛ تبعًا لموسى بن عقبة، وابن سعد، وغيرهما.