للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روي: فكانوا لا يجهرون (١)، فنفى الجهر؛ وكذا قوله: لا يذكرون؛ نفي ما يمكنه العلم به، وذلك موجود في الجهر؛ فإنه إذا لم يسمع مع القرب، علم أنهم لم يجهروا، وأما كون الإمام لم يقرأها؛ فلا يمكن إدراكه، إلا إذا لم يكن بين التكبير والقراءة سكتة.

يؤيد ذلك: حديث عبد اللَّه بن مغفل، في "السنن"، لما سمع ابنه يجهر بها؛ فأنكره، وقال. يا بني! إياك والحدث، وذكر أنه صلى خلف النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأبي بكر، وعمر؛ فلم يكونوا يجهرون بها (٢).

وأيضًا فمن المعلوم: أن الجهر بها مما تتوافر الدواعي على نقله، بل لو انفرد بنقل مثل هذا الواحد، أو الاثنان، قُطع بكذبهما؛ وبمثل هذا تكذب دعوى الرافضة: النص على علي -رضي اللَّه عنه- في الخلافة، وأمثال ذلك.

وقد اتفق أهل المعرفة على: أنه ليس في الجهر حديث صريح، ولم يرو "أهل السنن" شيئًا من ذلك؛ إنما يوجد الجهر بها في أحاديث موضوعة، يروي ذلك: الثعلبي، والماوردي، وأمثالهما من الذين يحتجون بمثل حديث الحميراء (٣).


(١) رواه النسائي (٩٠٨) كتاب: الافتتاح، باب: ترك الجهر بـ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، والترمذي (٢٤٤)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء في ترك الجهر بـ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وقال: حسن، وابن ماجه (٨١٥)، كتاب: الصلاة، باب: افتتاح القراءة.
(٢) تقدم تخريجه عند الإمام أحمد والنسائي.
(٣) هو حديث: "خذوا شطر دينكم عن الحميراء". قال الحافظ السخاوي في "المقاصد الحسنة" (ص: ٢٣٧): قال شيخنا -يعني: الحافظ ابن حجر- في "تخريج ابن الحاجب" من إملائه: لا أعرف له إسنادًا، ولا رأيته في شيء من =

<<  <  ج: ص:  >  >>