للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(خيرًا)، جواب "لو" المقدرة، لا المذكورة، بل التقدير: لو يعلم ما عليه، لوقف أربعين، ولو وقف أربعين، لكان خيرًا له، كذا في "الفتح". قال: وليس هذا التقدير متعينًا (١).

(له)؛ أي: المار بين يدي المصلي.

(من أن يمر بين يديه)؛ أي: المصلي، وأبهم العدد؛ تفخيمًا للأمر وتعظيمًا.

قال الكرماني: وخص الأربعين بالذكر؛ لأن الأربعة أصل جميع الأعداد، فلما أريد التكثير، ضربت في عشرة؛ ولأن كمال أطوار الإنسان بأربعين؛ كالنطفة، والمضغة، والعلقة، وكذا بلوغ الأَشُدّ، ويحتمل غير ذلك، انتهى.

وفي "صحيح ابن حبان"، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-، مرفوعًا: "لكان أن يقف مئة عام؛ خيرًا له، من الخطوة التي خطاها" (٢).

وهذا مشعر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر، لا لخصوص عدد معين؛ لأن التقييد بالمئة، وقع بعد التقييد بالأربعين، زيادة في تعظيم الإثم على المار؛ لأنهما لم يقفا معًا، إذ المئة أكثر من الأربعين، والمقام مقام زجر وتخويف، فلا يناسب أن يتقدم ذكر المئة على الأربعين؛ بل


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٥٨٥). قال ابن العربي في "العارضة" (٢/ ١٣١): روي برفع خير ونصبه، إذا رفعت "خيرًا" فخبر كان في جملة "أن يقف"، وإذا نصبته فهو الخبر، وهاتان الجملتان نكرتان تعرفتا بالإضافة، والثانية التي هي "خير له" أعرف من الأولى.
(٢) رواه ابن حبان في "صحيحه" (٢٣٦٥)، وكذا ابن ماجه (٩٤٦)، كتاب: الصلاة، باب: المرور بين يدي المصلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>