للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو محمدٍ جعفرُ بنُ أحمدَ بنِ حسينٍ السراجُ البغداديُّ في الإمام أحمدَ - رضي الله عنه -: [من الطويل]

سَقَى اللهُ قَبْراً حَلَّ فيهِ ابْنُ حَنْبَلٍ ... مِنَ الغَيْثِ وَسْمِيًّا على إِثْرِهِ وَلِي

عَلَى أَنَّ دَمْعِي فِيهِ رَوَّى عِظَامَهُ ... إِذَا فاضَ مَا لَمْ يَبْلَ مِنْهَا ومَا بَلِي

فَلِلَّهِ رَبِّ النَّاسِ مَذْهَبُ أَحْمَدٍ ... فَإِنَّ عَلَيْهِ ما حَيِيتُ مُعَوَّلِي

دَعَوْهُ إِلَى خَلْقِ القُرَانِ كَمَا دَعَوا ... سِوَاهُ فلَمْ يَسْمَعْ وَلَمْ يَتَأَوَّلِ

ولا رَدَّهُ ضَرْبُ السِّيَاطِ وسَجْنُهُ ... عن السُّنَّةِ الغَرَّاءِ والمَذْهَبِ الجَلِي

ولَمَّا يَزِدْهُمْ والسِّيَاطُ تَنُوشُهُ ... فَشَلَّتْ يَمِينُ الضَّارِبِ المُتَبَتِّلِ

على قَوْلهِ القُرْآنُ وَلْيَشْهَدِ الوَرَى ... كَلامُكَ يارَبَّ الوَرَى كَيْفَمَا تُلِي

فَمَنْ مُبْلِغٌ أَصْحَابَهُ أَنَّنِي بهِ ... أُفَاخِرُ أَهْلَ العِلْمِ في كل مَحْفَلِ

وأَلْقَى بهِ الزُّهَّادَ كُلَّ مُطَلِّقٍ ... مِنَ الخوفِ دُنياهُ طَلاَقَ التَّبَتُّلِ

لَقَدْ عاشَ في الدُّنْيا حَمِيداً مُوَفَّقاً ... وَصارَ إِلى الأُخْرَى إلى خَيْرِ مَنْزِل

وإنِّي لأَرْجُو أَنْ يَكُونَ شَفِيعَ مَنْ ... تَوَلَّاهُ مِنْ شَيْخٍ ومِنْ مُتَكَهِّلِ

ومِنْ حَدَثٍ قَدْ نَوَّرَ اللهُ قَلْبَهُ ... إذا سَأَلوا عَنْ أَصْلِهِ قالَ حَنْبَلِي (١)

وحج الإمام أحمدُ - رضي الله عنه - خمسَ حجات، ثلاث حجج ماشياً، واثنتين راكباً، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهماً.

وكان - رضي الله عنه - شيخاً أسمرَ طُوالاً، يخضبُ رأسه ولحيته بالحناء وهو ابنُ ثلاث وستين سنة خضاباً ليس بالقاني، وكان حسنَ الوجه، في لحيته شعراتٌ سود، وكانت ثيابه غِلاظاً، إلا أنها بِيضٌ.


= في "تاريخ دمشق" (٥/ ٣٢٣)، عن ابن أعين، وعندهما: "محنة مأمونة" بدل "حجة مبرورة".
(١) انظر: "مناقب الإمام أحمد" لابن الجوزي (ص: ٤٣٢ - ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>