للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرع، وجب قبوله، وإن لم يفهم معناه.

واستنبط له الزين بن المنير معنًى مناسبًا، فقال: وقت ظهور أثر الغضب، لا ينجع فيه الطلب، إلا ممن أذن له فيه، والصلاة لا تنفك عن كونها طلبًا، ودعاء، فناسب الإقصار عنها حينئذ، واستدل بحديث الشفاعة؛ حيث اعتذر الأنبياء كلهم للأمم: بأن اللَّه غضب غضبًا، لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، سوى نبينا -صلى اللَّه عليه وسلم-؛ فلم يعتذر، بل طلب؛ لكونه أذن له في ذلك (١).

ويمكن أن يقال: سجر جهنم فيحها، وفيحها سبب وجود شدة الحر؛ وهو سبب المشقة التي هي مظنة سلب الخشوع؛ فناسب ألا يصلَّى فيها. لكن يرد عليه: أن سجرها موجود في جميع السنة، والإبراد يختص بشدة الحر.

ويمكن أن يقال: الحكمتان في ذلك متغايرتان؛ فحكمة الإبراد المشقة، وحكمة الترك وقت سجرها؛ لكونه وقت ظهور أثر الغضب (٢).

(من فيح)؛ أي: من سعة انتشارها (جهنم)، وتنفسها؛ ومنه: مكان أفيح، أي: متسع (٣)؛ وهذا كناية عن شدة استعارها.

وظاهره: أن مثار وهج الحر في الأرض من فيح جهنم حقيقة، وقيل:


(١) كما رواه البخاري (٣١٦٢)، كتاب: الأنبياء، باب: قول اللَّه تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ} [نوح: ١]، ومسلم (١٩٤)، كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنة منزلة فيها، من حديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ١٧).
(٣) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ٣٠٠)، (مادة: فيح). وانظر: "مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>