للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على المعنى الذي يثنى به ولأجله عليه تعالى، ولفظ الضمير لا إشعار له بذلك.

ولهذا، إذا كان لا بد من الثناء عليه بخطاب المواجهة، أتي بالاسم الظاهر مقرونًا بميم الجمع الدالة على جميع الأسماء والصفات؛ نحو قول المصلي في رفعه من الركوع: اللهم ربنا لك الحمد، وربما اقتصر على ذكر الرب تعالى؛ لدلالة لفظه على هذا المعنى، فتأمله، فإنه لطيف المنزع جدًا.

وتأمل كيف صدر الدعاء المتضمن للثناء والطلب بلفظة: اللهم؛ كما في سيد الاستغفار: "اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت خلقتني"، إلى آخره (١).

وجاء الدعاء المجرد مصدرًا بلفظ: الرب؛ نحو قول المؤمنين: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا} [الحشر: ١٠]، وقول آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا} [الأعراف: ٢٣]، وكان النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول بين السجدتين: "رب اغفر لي" (٢).

وسر ذلك: أن اللَّه تعالى يُسأل بربوبيته المتضمنة قدرته، وإحسانه، وتربيته عبده، وإصلاح أمره، ويثني عليه بإلهيته المتضمنة إثبات ما يجب له من الصفات، والأسماء الحسنى، وأما السلام على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بلفظ الخطاب؛ فتقدم سره. ملخص من "بدائع الفوائد" (٣)، واللَّه أعلم.


(١) رواه البخاري (٥٩٤٧)، كتاب: التطبيق، باب: أفضل الاستغفار، عن شداد بن أوس -رضي اللَّه عنه-.
(٢) رواه النسائي (١٠٦٩)، كتاب: التطبيق، باب: ما يقول في قيامه ذلك، وابن ماجه (٨٩٧)، كتاب: الصلاة، باب: ما يقول بين السجدتين، وغيرهما، من حديث حذيفة -رضي اللَّه عنه-.
(٣) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٢/ ٤١٩ - ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>