للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال الفاكهاني: للمصلي أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين، يعني: ليوافق لفظه مع قصده (١).

(أشهد)؛ أي: أقر بلساني، وأعتقد بجناني (أن لا إله) معبود بحق في الوجود (إلا اللَّه).

قال الجوهري: الشهادة: خبر قاطع، والمشاهدة: المعاينة (٢)؛ فقول الواحد: أشهد أن لا إله إلا اللَّه: أخبر بأني قاطع بالوحدانية، فالقطع من فعل القلب واللسان، مخبر عن ذلك، و"اللَّه": مرفوع على البدل من موضع "لا إله"؛ لأن موضع لامع اسمها رفع بالابتداء، أو بدل من خبر لا المحذوف المقدر: بمعبود، ونحوه، ولا يجوز نصبه، حملًا على إبداله من اسم لا المنصوب؛ لأن "لا" لا تعمل النصب إلا في نكرة منفية، واللَّه أعرفُ المعارف، وهو مثبت وهذه الكلمة، وإن كان ابتداؤها نفيًا، فالمراد بها: غاية الإثبات، ونهاية التحقيق، فإن قول القائل: لا أخ لي سواك، ولا معين لي غيرك؛ آكد من قولك: أنت أخي، وأنت معيني.

ومن خواصها: أن حروفها كلها مهملة ليس فيها حرف معجم؛ تنبيهًا على التجرد من كل معبود سوى اللَّه.

ومن خواصها -أيضًا-: أن حميع حروفها جوفية، ليس فيها شيء من الشفوية (٣)؛ إشارة إلى: أنها يصمم العبد، ويضمر على مضمونها، ويعقد عليه جنانه، ولا يكتفي بمجرد التلفظ بها من فمه، دون العقد بصميم


= المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٨٠).
(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣١٤ - ٣١٥).
(٢) انظر: "الصحاح" للجوهري (٢/ ٤٩٤)، (مادة: شهد).
(٣) انظر: "المطبع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>