للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها -والعياذ باللَّه- أمر الخاتمة عند الموت (١).

(و) من فتنة (الممات). قال في "المطلع": أصل الفتنة: الاختبار، ثم استعملت فيما أخرجه الاختبار إلى المكروه، ثم استعملت في المكروه، فجاءت بمعنى الكفر في قوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: ٢١٧].

وبمعنى الإثم؛ كقوله: {أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا} [التوبة: ٤٩].

وبمعنى الإحراق؛ كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [البروج: ١٠]، ومنه: "أعوذ بك من فتنة النار".

وبمعنى الإزالة والصرف؛ كقوله تعالى-: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ} [الإسراء: ٧٣].

قال: والمحيا والممات، تفعل من الحياة والموت، يقع على المصدر، والزمان، والمكان، قال: وفتنة المحيا كثيرة، وفتنة الممات [فتنة القبر، وقيل:] عند الاحتضار (٢).

وقال ابن دقيق العيد في فتنة الممات: يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت، أضيفت إلى الموت؛ لقربها منه، وتكون فتنة المحيا على هذا: ما يقع قبل ذلك في مدة حياة الإنسان، وتصرفه في الدنيا؛ فإن ما قارب الشيء يعطى حكمه، فحالة الموت تشبه الموت، ولا تعدُّ من الدنيا.

ويجوز أن يراد بفتنة الممات: فتنة القبر؛ كما صح عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، في


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٧٥).
(٢) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٨٢ - ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>