للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) حبر هذه الأمة (عبد اللَّه بن عباس -رضي اللَّه عنهما-) قال: (إن رفع الصوت بالذكر) المشروع (حين ينصرف الناس)؛ أي: يسلمون (من) الصلاة (المكتوبة)؛ أي: المفروضة (كان) مشهورًا ومعروفًا (على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-)، ومثل هذا محكوم له بالرفع، خلافًا لمن شذ، ومنع ذلك، وقد اتفق الشيخان، والجمهور على: أنه يحكم له بالرفع (١).

وفيه: دليل على جواز الجهر بالذكر عقب الصلاة.

قال الطبري: فيه الإبانة عن صحة ما كان يفعله بعض الأمراء من التكبير عقب الصلاة (٢).

وتعقبه ابن بطال: بأنه لم يقف على ذلك عن أحد من السلف، إلا ما حكاه ابن حبيب في "الواضحة" (٣): أنهم كانوا يستحبون التكبير في العساكر عقب الصبح والعشاء، تكبيرًا عاليًا ثلاثًا، قال: وهو قديم من شأن الناس، قال ابن بطال: وفي "العتبية" (٤) عن مالك: أنَّ ذلك مُحْدَث، قال: وفي السياق إشعار أن الصحابة -رضي اللَّه عنهم-، لم يكونوا يرفعون أصواتهم بالذكر في الوقت الذي قال فيه ابن عباس ما قال.


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٢/ ٣٢٥).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٨٩).
(٣) كتاب: "الواضحة في إعراب القرآن" لعبد الملك بين حبيب المالكي القرطبي، المتوفى سنة (٢٣٩ هـ). انظر: "كشف الظنون" (٢/ ١٩٩٦).
(٤) "العُتُبيَّة" منسوبة إلى مصنفها، فقيه الأندلس محمد بن أحمد بن أحمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي المتوفى (سنة ٢٥٤ هـ)، وهو مسائل في مذهب الإمام مالك. انظر: "كشف الظنون" (٢/ ١١٢٤). وقد اعتمد أهل الأندلس كتاب "العتبية"، وهجروا "الواضحة" وما سواها، وكتبوا عليها ما شاء اللَّه أن يكتبوا؛ قبل ابن رشد وأمثاله. انظر: "أبجد العلوم" (٢/ ٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>