للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأخرج مسلم، من حديث ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-: أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ... الحديث، وأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يقرأ في صلاة الجمعة: سورة الجمعة، والمنافقين (١).

فإن قلت: ظاهر الحديث يقتضي الدوام أو الكثرة، وأنتم قلتم بكراهة المداومة عليهما؟

فالجواب: ترك القراءة بهما أحيانًا من الجمع، لا ينفي الكثرة المفهومة من لفظة "كان"، ولما كانت المداومة على القراءة بالسورتين في الجمعة ذريعة لاعتقاد العامة وجوب ذلك، أو تفضيل صلاة فجر يوم الجمعة بسجدة؛ استحببنا ترك القراءة بهما في بعض الجمع؛ سدًا لهذه الذريعة، وحسمًا لما عساه يخلد في صدور العامة، من وجوب غير الواجب شرعًا.

وأما القول بالكراهة مطلقًا، فيأباه الحديث، وإذا انتهى الحال إلى أن تقع هذه المفسدة، فينبغي أن تترك القراءة بهما في بعض الأوقات؛ لما ذكرنا، وليس في الحديث ما يقتضي فعل ذلك دائمًا اقتضاءً قويًا، وعلى كل حال، فهو مستحب، ويشرع ترك المستحب أحيانًا لدفع المفسدة؛ كترك مداومة صلاة الضحى (٢).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -روح اللَّه روحه- في "الفتاوى المصرية" السجدة يوم الجمعة ليست واجبة باتفاق العلماء، وإنما تنازع العلماء، هل يستحب أن يقرأ في الفجر يوم الجمعة بـ {الم (١) تَنْزِيلُ}، و {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ} [الإنسان: ١]، ويسجد؟


(١) رواه مسلم (٨٧٩)، كتاب: الجمعة، باب: ما يقرأ في يوم الجمعة.
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>