وسُئل مرةً أخرى في معنى ذلك فأجاب: أما فقدانُ ما يجدُه من الحلاوة واللذة، فلا يكون دليلاً على عدم القبول - إن شاء الله تعالى -، فإن المبتدىء يجد ما لا يجد المنتهي، فإنه ربما ملت النفس وسئمت لتطاول الزمان وكثرة العبادة، وقد رُوي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينهى عن كثرة العبادة، والإفراط فيها، ويأمر بالاقتصاد؛ خوفاً من الملل، وقد رُوي أن أهل اليمن لما قدموا المدينة، جعلوا يبكون، فقال أبو بكر - رضي الله عنه -: وهكذا كُنا حتى قستِ القلوبُ (١).
وسُئل عن يزيدَ بنِ معاويةَ، فأجاب بما حاصله: من لم يحبه، لا يلزمْه ذلك؛ لأنه ليس من الصحابة الذين صحبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فيلتزم محبتهم إكراماً لصحبتهم، وليس ثم من أمر يمتاز به عن غيره من خلفاء التابعين؛ كعبد الملك وبنيه، قال: وإنما يمنع من التعرض للوقوع فيه؛ خوفاً [من] السبق إلى أبيه، وسداً لباب الفتنة.
وقال الحافظ: رُوي عن إمامنا أحمد أنه قال: من قال: الإيمان مخلوقٌ، فهو كافر، ومن قال: قديم، فهو مبتدع.
قال: وإنما كفر من قال بخلقه؛ لأن الصلاة من الإيمان، وهي تشتملُ على قراءة، وذكرِ اللهِ - عز وجل -، ومن قال بخلق ذلك، كفر، وتشتملُ على قيام وقعود، وركوع وسجود وسكوت، ومن قال بقدم ذلك، ابتدع.
وسُئل عن دخول النساء الحمامَ، فأجاب: إذا كان للمرأة عذرٌ، فلها أن تدخل لأجل الضرورة، والأحاديثُ في هذا أسانيدُها متقاربة، قد جاء النهي
(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٥٢٤)، وأبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٣ - ٣٤).