للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال) أنس -رضي اللَّه عنه-: (فأقلعت) -يعني: السماء-؛ أي: لما دعا -صلى اللَّه عليه وسلم- بإزاحة المطر عن المدينة المنورة، (وخرجنا) بعد حبسنا عن المشي من كثر المطر (نمشي) لقضاء حوائجنا، ببركة دعوة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، حيث دعا بالصحو، فاستجيبت دعوته (في الشمس) متعلق بـ: "نمشي"؛ أي: في شعاعها، وتسخينها.

وفي لفظ: فتقشعت عن المدينة، فجعلت تمطر حواليها، وما تمطر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينة، وإنها لفي مثل الإكليل (١)، أراد: أن الغيم تقشع عنها، واستدار بآفاقها، وكلُّ ما احتف بشيء من جوانبه؛ فهو إكليل؛ لأنه يجعل كالحلقة، ويوضع على أعلى الرأس (٢).

وفيه من أعلام النبوة: إجابة دعائه بحصول المطر في الاستسقاء، وحصول الصحو في الاستصحاء، وتحول المطر عن المدينة إلى حواليها، حتى استدار بها من كل نواحيها إدارة الإكليل بالرأس.

وفي لفظ: قال أنس: فرأيت السحاب يتمزق، كأنه المُلاءُ حين تُطوى (٣)، الملاء -بالضم والمد-: جمع ملاءة، وهي: الإزار والرَّيْطَة، وقال بعضهم: إن الجمع: ملأ -بغير مد-، والواحد ممدود، والأول أثبت، شبه تفرق الغيم واجتماع بعضه إلى بعض في أطراف السماء بالإزار إذا جمعت أطرافه وطوي، كما في "النهاية" (٤).

(قال شريك) بن عبد اللَّه بن أبي نمر القرشي، يكنى: أبا عبد اللَّه


(١) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (٨٩٧/ ١٢).
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ١٩٧).
(٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (٨٩٧/ ١٢).
(٤) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٤/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>