كتاب كشف اللثام شرح عمدة الأحكام

كتاب الجنائز - الحديث الأول - ج: 3 - ص: 307

وقد هاجر إليه المسلمون مرتين، وكان يحسن إليهم، ويعظم النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، ويتفانى في إكرام أصحابه، كما هو مشهور في السير والآثار، إلى أن أرسل إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرو بن أمية الضمري بكتابين: أحدهما: يدعوه إلى الإسلام. والثاني: يطلب منه تزويجه بأم حبيبة بنت أبي سفيان، وكانت مهاجرة عنده.

فأخذ كتاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، ووضعه على عينيه، ونزل عن سريره، فجلس على الأرض، وأسلم، وحسن إسلامه، وكتب إلى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- جواب كتابه بذلك، وزوجه أم حبيبة، وأصدقها عنه من ماله أربع مئة دينار، وقال: لو كنت أستطيع أن آتيه أتيته.

وتوفي النجاشي -رضي اللَّه عنه- سنة تسع بالحبشة، فأخبر النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بموته (١).

(في اليوم الذي مات فيه)، وذلك في شهر رجب، (وخرج) -صلى اللَّه عليه وسلم- (بهم)؛ أي: بأصحابه -رضي اللَّه عنهم- (إلى المصلى).

وذكر السهيلي من حديث سلمة بن الأكوع: أنه -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى عليه بالبقيع (٢)، وربما تعلق بخروجه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى المصلى، ولم يصل عليه في المسجد؛ من قال: بكراهة الصلاة على الميت في المسجد، ولا حجة فيه؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد (٣).

---

(١) انظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (٨/ ٩٨ - ٩٩)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (٤/ ١٨٤٣)، و"الإعلام بفوائد الأحكام" لابن الملقن (٤/ ٣٨٤)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (١/ ٢٠٥).
(٢) انظر: "الروض الأنف" للسهيلي (٢/ ١١٨).
(٣) رواه مسلم (٩٧٣)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على الجنائز في المسجد، =