للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسراعًا خفيفًا بين المشي المعتاد، والخبب (بالجنازة)؛ لأن ما فوق ذلك يؤدي إلى انقطاع الضعفاء، أو مشقة الحامل، فيكره، وهذا إنما يشرع إذا لم يضره الإسراع، فإن ضره، فالثاني أفضل، فإن خيف عليه تغير أو انفجار، أو انتفاخ، زيد في الإسراع (١)، والسرعة -بالضم-: نقيض البطء (٢).

ثم بين -صلى اللَّه عليه وسلم- علة الإسراع بقوله: (فإن تك) بحذف النون تخفيفًا؛ أي: الجنازة، يعني: الميت (صالحة) -بالنصب- خبر كان، (فخير) -بالرفع- خبر مبتدأ محذوف؛ أي: فهو خير (تقدمونها)؛ أي: الجنازةَ (إليه)؛ أي: إلى الخير، باعتبار الثواب، أو الإكرام الحاصل له في قبره المهيأ له فيه، فيسرع به ليلقاه قريبًا، وفي رواية: "فإن كانت صالحة، قربتموها إلى الخير" (٣)، (وإن تك) الجنازة (سوى ذلك)؛ أي: غير صالحة، (فـ) هو (شر تضعونه عن رقابكم)، فلا مصلحة لكم في مصاحبتها؛ لأنها بعيدة من الرحمة، وما كان بعيدًا عن الرحمة، فما لعبد عنده قيمة (٤).

وفي "البخاري" من حديث أبي سعيد الخدري -رضي اللَّه عنه-، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذا وضعت الجنازة، فاحتملها الرجال على أعناقهم؛ فإن كانت صالحة، قالت: قدموني، وإن كانت غير صالحة، قالت لأهلها: يا ويلها! أين تذهبون بها؟! يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، لو سمعها الإنسان، لصعق" (٥).


(١) انظر: "طرح التثريب" للعراقي (٣/ ٢٩١).
(٢) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ٩٣٩)، (مادة: سرع).
(٣) تقدم تخريجه عند مسلم برقم (٩٤٤/ ٥١).
(٤) انظر: "شرح مسلم" للنووي (٧/ ١٣).
(٥) رواه البخاري (١٢٥٣)، كتاب: الجنائز، باب: قول الميت وهو على الجنازة: "قدموني".

<<  <  ج: ص:  >  >>