للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظاهر المذهب؛ للنهي واللعن، وليس فيها خلاف؛ لكون المدفون فيها واحدًا، وإنما اختلف أصحابنا في المقبرة المجردة عن مسجد؛ هل حدها ثلاثة أقبر، أو ينهى عن الصلاة عند القبر الفذ؟ على وجهين (١).

وفي "الهدي" للإمام ابن القيم: لو وضع المسجد والقبر معًا، لم يجز، ولا يصح الوقف، ولا الصلاة (٢).

قال العلامة الشيخ مرعي في كتابه "زيارة المشاهد والقبور": واختلف الفقهاء في علة النهي:

فذهبت طائفة: إلى أنه تعبدي.

وذهب آخرون: إلى أن سبب كراهة الصلاة في المقبرة، ليس إلا كونها مظنة للنجاسة؛ لما يختلط بالتراب من صديد الموتى، وبنى على هذا الفرق بين المقبرة الجديدة، والقديمة، وبين أن يكون بينه وبين التراب حائل، أو لا.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: المقصود الأكبر بالنهي عن الصلاة عند القبور، ليس هو هذا؛ فإنه -عليه السلام- قد بين: أن اليهود والنصارى كانوا "إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدًا" (٣)، فلعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فاعل ذلك، يحذر أمته ويخوفهم من فعل مثل ذلك، وقد قال -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" (٤)، فهذا يبين: أن


(١) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٢/ ٢١٣ - ٢١٤).
(٢) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٣/ ٦٠١).
(٣) تقدم تخريجه قريبًا.
(٤) رواه الترمذي (٣١٧)، كتاب: الصلاة، باب: ما جاء أن الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام، وقال: فيه اضطراب، وابن ماجه (٧٤٥)، كتاب: المساجد =

<<  <  ج: ص:  >  >>