للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لابن عقيل فيه كلامًا، قال: القيراط نصف سدس درهم مثلًا، أو نصف عشر دينار، ولا يجوز أن يكون المراد هنا جنس الأجر؛ لأن ذلك يدخل فيه ثواب الإيمان بأعماله؛ كالصلاة والحج وغيره، وليس في صلاة الجنازة ما يبلغ هذا، [فـ]ـلم يبق إلا أن يرجع إلى المعهود، وهو الأجر العائد إلى الميت، ويتعلق بالميت، صبر على المصاب فيه وبه، وتجهيزه، وغسله، ودفنه، والتعزية به، وحمل الطعام إلى أهله، وتسليتهم، وهذا مجموع الأجر الذي يتعلق بالميت، فكان للمصلي والجالس إلى أن يقبر سدس ذلك، أو نصف سدسه إن صلى وانصرف.

قال ابن القيم: قلت: كأن مجموع الأجر الحاصل على تجهيز الميت من حين الفراق إلى وضعه في لحده، وقضاء حق أهله وأولاده وجبرهم دينار مثلًا، فللمصلّي عليه فقط من هذا الدينار قيراط، والذي يتعارفه النّاس من القيراط أنّه نصف سدس، فإن صلّى عليه وتبعه، كان له قيراطان منه، وهما سدسه، وعلى هذا فيكون نسبة القيراط إلى الأجر الكامل بحسب عظم ذلك الأجر الكامل في نفسه، فكلما كان أعظم، كان القيراط منه بحسبه، فهذا بين هاهنا.

وأمّا قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنِ اقتنى كلبًا إلَّا كَلْبَ ماشيةٍ أو زرعٍ، نقصَ من أجرِه أو من عمله كُل يوم قيراطٌ" (١)، فيحتمل أن يراد به هذا المعنى أيضًا بعينه، وهو نصفُ سدسِ أجر عمله ذلك اليوم، ويكون صغرُ هذا القيراط وكبرُهُ بحسب قلة عمله وكثرته، فإذا كانت له أربعة وعشرون ألفَ حسنةٍ مثلًا،


(١) رواه البخاري (٣١٤٦)، كتاب: بدء الخلق، باب: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ومسلم (١٥٧٥)، كتاب: المساقاة، باب: الأمر بقتل الكلاب، عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-.

<<  <  ج: ص:  >  >>