للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من العبّاس، وقد ورد ذلك صريحًا من حديث علي -رضى اللَّه عنه- عند التّرمذي (١)، ومن حديث ابن عبّاس عند الدارقطني، وفي إسنادهما ضعف، ولفظه: بعثَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرَ ساعيًا، فأتى العبَّاسَ، فأغلظَ له، فأخبر النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال: "إنَّ العبَّاس قد أسلفَنا زكاةَ مالِه العامَ والعامَ المقبلَ" (٢)، هذا على رواية مسلم، وأمّا لفظ البخاري: "فهي عليه صدقةٌ ومثلُها معَها"، ويحتمل ذلك وجهين:

أحدهما: أنّها عليه ثابتة سيتصدق بها، ومثلها معها يضيفه إليها كرمًا منه، فيكون النّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ألزمَه بتضعيف صدقته؛ ليكون ذلك أرفعَ لقدره، وأنبهَ لذكره، وأنفى للذبِّ عنه.

الثّاني: أنّها مِنَّا عليه صدقة؛ أي: إن زكاة ماله كالصدقة عليه؛ لأنّه استدان في مفاداة نفسه وعقيل يومَ بدر، فصار من الغارمين الذين لا تلزمهم الزكاةُ.

وهذا التأويل استبعده البيهقي (٣)؛ لأنَّ العباس من بني هاشم، فتحرم عليهم الصدقة.

وحمله بعضُهم على أن ذلك كان قبل تحريم الصدقة على بني هاشم.

وما اعتمده الحافظ من الراوية أدلُّ على المطلوب، وأبعدُ عن هذه التكلفات، واللَّه أعلم (٤).

* * *


(١) رواه الترمذي (٦٧٨)، كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في تعجيل الزكاة.
(٢) رواه الدارقطني في "سننه" (٢/ ١٢٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٤/ ١١١). وانظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ١٩٤).
(٣) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (٤/ ١١١).
(٤) انظر: "عمدة القاري" للعيني (٩/ ٤٧)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>