للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من طريقين عن هشامِ بنِ حسان بلفظِ: "إذا ولغ" (١)، كذا أخرجه مسلم وغيره من طرقٍ عنه، ورواه عن أبي الزناد شيخ مالكٍ بلفظِ: "إذا شرب"، ورواه ابن عمر، أخرجه الجوزقي (٢)، وكأن أبا الزناد حدث باللفظين؛ لتقاربهما في المعنى، لكن الشرب أخص من الولوغ، فلا يقوم مقامه.

ومفهوم الشرط في قوله: "إذا ولغ" يقتضي قصرَ الحكم على ذلك، نعم إذا قلنا: إن الأمر بالغسل للتنجيس يتعدى الحكم إلى ما إذا لحس أو لعق مثلاً، ويكون ذكر الولوغ للغالب، ويلحق في الحكم بقية أعضائه؛ لأن فمه أشرفُها، فالباقي من باب أولى على الصحيح، وللخصم أن ينفصل عن هذا بأن فمه محل استعمال النجاسة (٣).

(الكَلْبُ): فاعل "شرب"، وهو الحيوان المعروف، شديدُ الرياضة، كثير الوفاء، وهو لا سَبُعٌ ولا بهيمةٌ، حتى كأنه من الخلق المركب؛ لأنه لو تم له طباع السبعية، ما ألف الناس، ولو تم له طباع البهيمية، ما أكل لحم الحيوان، لكن في الحديث إطلاق البهيمية عليه في قول الصحابة - رضي الله عنهم -: يا رسول الله! إن لنا في البهائم أجراً؟ قال: "نَعَمْ، فِي كُلِّ كَبدٍ حَرَّى رَطْبَةٍ أَجْرٌ"، من حديث المرأة التي سقت الكلب، رواه البخاري ومسلم (٤).


(١) رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (٩٥)، وابن المنذر في "الأوسط" (١/ ٣٠٤).
(٢) انظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ١٣٢)، و"التلخيص الحبير" لابن حجر (١/ ٢٣).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٧٤ - ٢٧٥).
(٤) رواه البخاري (٢٢٣٤)، كتاب: المساقاة، باب: فضل سقي الماء، ومسلم (٢٢٤٤)، كتاب: السلام، باب: فضل ساقي البهائم المحترمة وإطعامها، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ: "في كل كبد رطبة أجر"، لكن من حديث =

<<  <  ج: ص:  >  >>