للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(عن) أُمِّ المؤمنين (عائشةَ) الصدِّيقةِ (-رضي اللَّه عنها-)، قالت: (إن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يعتكفُ العشرَ الأواخرَ من رمضانَ حتى تَوَفَّاه اللَّهُ -عزَّ وجلَّ-).

في هذا الحديث: دليلٌ على استحباب الاعتكاف، وأنه لم يُنسخ، ولا سيما في رمضان، وخصوصًا في العشر الأواخر.

وفيه: تأكيدُ الاستحباب بما أشعر به اللفظُ من المداومة، وبما صرَّحَ به في الرواية الأخرى من قولها: في كل رمضان. وبما دل عليه من عمل أزواجه من بعده: قولها: (ثم اعتكف أزواجُه) -صلى اللَّه عليه وسلم- (من بعده) (١).

وقد روى أَبو الشيخُ بنُ حيان من حديث الحسينِ بنِ عليٍّ -رضي اللَّه عنهما- مرفوعًا: "اعتكافُ عشرٍ في رمضانَ بحجتين وعُمرتين"، وهو ضعيف (٢).

وكان -صلى اللَّه عليه وسلم- قد أَذِنَ لأزواجه في الاعتكاف، وأما إنكارُه عليهنَّ الاعتكاف بعدَ الإذن؛ كما في الصحيح (٣)، فلمعنى آخر؛ قيل: خاف أن يَكُنَّ غير مخلصات في الاعتكاف، بل أردنَ القربَ منه؛ لغيرتهنَّ عليه، أو ذهابَ المقصود من الاعتكاف بكونهنَّ معه في المعتَكَف، أو لتضييقهنَّ المسجدَ بأبنيتهنَّ.

وعند الإمام أبي حنيفة: إنما يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الموضع المهيأ في بيتها لصلاتها (٤).


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٥٤).
(٢) وتقدم تخريجه عند البيهقي قريبًا.
(٣) رواه البخاري (١٩٢٨)، كتاب: الاعتكاف، باب: اعتكاف النساء، عن عائشة -رضي اللَّه عنها-.
(٤) انظر: "إرشاد الساري" للقسطلاني (٣/ ٤٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>