للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملوك حاصرَ نصيبينَ، فأتى بالعقاربِ من شهرزور، وجعلها في كيزانِ المنجنيق.

وذكر الجاحظ: أنّه كان في دار نصرِ بنِ حجّاجٍ السّلميِّ عقاربُ إذا لسعَتْ قتلتْ، فدبَّ ضيف لهم على بعضِ أهل الدّار، فضرب العقربُ في مذاكيره، فقال نصر يعرّض به: [من المتقارب]

وَدَارٍ إِذَا نَامَ سُكَّانُهَا ... أَقَامَ الْحَدُودَ بِهَا الْعَقْرَبُ

إِذَا غَفَلَ النَّاسُ عَنْ ذَنْبِهِمْ ... فَإِنَّ عَقَارِبَهَا تَضْرِبُ

قال: فدخل إلى الدّار، فقال: هذه عقاربُ تُسقى من أسودَ سالخ، ونظر إلى موضع في الدّار، فقال: احفروا، فوجدوا أسودين ذكرًا وأنثى (١).

(والفَأرةُ) -بهمزة ساكنة-، والمراد: فأرةُ البيت، وهي الفُوَيْسِقة.

وكنية الفأرة: أُمُّ خرابٍ؛ لأنّه ليس في الحيوان أفسدُ من الفأر، ما يُبقي على خطيرٍ ولا جليلٍ إلّا أهلكه وأتلَفَه.

ولا يخفى ما بينَ الهرّ والفأر من العداوة، وسببُ ذلك: ما رواه ابنُ أبي حاتم عن زيدِ بنِ أسلمَ، عن أبيه: أنّ النّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: لمّا حملَ نوح في السّفينةِ مِنْ كُلٍّ زوجينِ اثنينِ، قالَ أصحابُه: كيفَ نطمئنُّ أو تطمئنُّ المواشي، ومعنا: الأسدُ، فسلَّطَ اللَّه عليه الحُمَّى، فكانَتْ أَوَّلَ حُمَّى نزلَتْ في الأرض، فهو لا يزالُ محمومًا، ثمّ تَشَكَّوا الفأرةَ، فقالوا: الفويسقة تفسدُ علينا طعامَنا ومتاعَنا، فأوحى اللَّهُ إلى الأسدِ، فعطسَ، فخرجتِ الهرَّةُ


(١) انظر: "الحيوان" للجاحظ (٤/ ٢١٧ - ٢١٨). وانظر فيما ذكره الشارح -رحمه اللَّه- عن العقرب: "حياة الحيوان الكبرى" للدميري (٢/ ٥٨٤) وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>