للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحجّ، (١) فهذا الإسنادُ لا يثبت مثلُه، لجهالة بعض من فيه، قاله الحافظ ابن رجب.

قال: وتردُّه الأحاديث الثابتةُ المتواترة عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا لم يلتفت علماء الأمة وأئمتها إلى هذه الروايات الشاذة المنكرة، ولم يعولوا عليها.

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ما ملخصه: لما نهى عمر - رضي الله عنه - عن الاعتمار في أشهر الحجّ، قصد أمرهم بالأفضل؛ لأنهم تركوا الاعتمار في مفرده غير أشهر الحجّ، ويتركون سائر الأشهر، فصار البيتُ يعرى عن العِمارة من أهل الأمصار في سائر الحول، فكان عمر - رضي الله عنه - من شفقته على رعيته اختار الأفضل، لإعراضهم عنه، كالأب الشفيق يأمر ولده بما هو الأصلحُ له، وهذا كان موضع اجتهاده لرعيته، فألزمهم بذلك، وخالفه عليٌّ - رضي الله عنه -، وعمرانُ بنُ حصين، وغيرُهما من الصَّحابة، ولم يروا أن يلزم النّاس، بل يُتركون، من أحبَّ شيئًا، عملَه قبل أشهر الحجّ، وفيها، وقوي النزاع في ذلك في خلافة عثمان - رضي الله عنه - حتّى ثبت أنَّه كان ينهى عن المتعة، فلما رآه عليٌّ - رضي الله عنه -، أهل بهما، وقال: لم أكن أدعُ سنةَ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - لقول أحدٍ، (٢) ثمّ كانت بنو أمية ينهون عن المتعة، ويعاقبون عليها، ولا يمكِّنون أحدًا من العمرة في أشهُر الحجّ، وكان ذلك ظلمًا وجهلًا، فلما رأى ذلك الصَّحابةُ، كابن عبّاس، وابن عمر، وغيرِهما، جعلوا يُنكرون ذلك، ويأمرون بالمتعة، اتباعًا للسنة، فكان بعضُ النّاس يقول لابن عمر: إن أباك كان ينهى عنها، فيقول: إن أبي لم يُرد ذلك، ولا كان يضربُ النّاس عليها، وبين لهم أن قصد عمر


(١) رواه أبو داود (١٧٩٣)، كتاب: المناسك، باب: في إفراد الحج.
(٢) كما تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>