للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو ظاهر "المدونة" (١).

وفي "كتاب محمد بن الحسن": لا تشعر البقر؛ لأنه تعذيب، فيقتصر به على الوارد.

وقال أبو حنيفة: الإشعار مكروه، وخالفه صاحباه، فقالا: إنه سنة، واحتج لأبي حنيفة أنَّه مُثْلَة، وهي منهيٌّ عنها، وعن تعذيبِ الحيوان.

والجواب: بأن أخبار النهي عن المثلة وعن تعذيب الحيوان عامة، وأخبار الإشعار خاصة، فقُدمت.

وقال الخطابي: أشعر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - هديه آخرَ حياته، ونهيُه عن المثلة كان أولَ مقَدمِه المدينةَ، مع أن الإشعار لا نسلم أنَّه من المثلة، بل من باب آخر، انتهى ملخصًا (٢).

بل هو كالختانِ والفَصْدِ، وشقِّ أذن الحيوان ليكونَ علامة.

وقد كثر تشنيعُ المتقدمين على أبي حنيفة - رحمه الله ورضي عنه - في إطلاقه كراهةَ الإشعار، فقال ابن حزم في "المحلَّى": هذه طامَّة من طوامِّ العالم أن يكون مثلةً شيءٌ فعلَه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أُفٍّ لكل عقل يتعقب حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهذه قولة لأبي حنيفة لا يُعلم له فيها متقدمٌ من السلف، ولا موافقٌ من فقهاء عصره إلّا من قلده، انتهى (٣).

وقد ذكر الترمذي عن أبي السائب، قال: كنا عند وكيع، فقال له رجل: رو [ي] عن إبراهيم النخعي أنَّه قال: الإشعار مثلة، فقال له وكيع: أقول


(١) انظر: "المدونة الكبرى" لابن القاسم (٢/ ٣٧٤).
(٢) انظر: "معالم السنن" للخطابي (٢/ ١٥٣ - ١٥٤).
(٣) انظر: "المحلى" لابن حزم (٧/ ١١١ - ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>