للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: أفاد وضوء سيدنا عثمان - رضي الله عنه - اعتبارَ الترتيب؛ لأن حُمرانَ حكى ذلك عنه بالعطف بحرف "ثم" المفيدة لذلك، ولأنه أدخل مسح الرأس بين غسل بقية الأعضاء، فلو لم يكن الترتيب معتبراً، لأتى بغسل الأعضاء المغسولة على حِدَتها، ثم بالممسوح، أو بالعكس، وكذا أمر الله - سبحانه وتعالى - في محكم كتابه، فأدخل ممسوحاً بين مغسولاتٍ.

قال في "الفروع": ومن فروض الوضوء: الترتيبُ؛ خلافاً لأبي حنيفةَ؛ ومالكٍ (١).

قال في "شرح الوجيز": الترتيبُ جعلُ كل واحدٍ من شيئين فصاعداً في مرتبته التي يستحقها بوجهٍ ما، وجملة ذلك: أن الترتيب في الوضوء كما ذكر الله - تعالى - واجبٌ في قول إمامنا.

قال الإمام الموفق: ولم أر عنه فيه اختلافاً.

وهو قول الشافعي؛ لأن في الآية قرينةً تدل على أنه أريد بها الترتيب؛ فإنه أدخل ممسوحاً بين مغسولين، والعرب لا تقطع النظير عن نظيره إلا لفائدةٍ، ولا فائدة هنا سوى الترتيب.

فإن قيل: بل فائدته استحبابُ الترتيب.

فالجواب: أن الآية إنما سيقت لبيان الواجب، ولذلك لم يذكر فيها شيئاً من السنن، ولأنه متى اقتضى اللفظ الترتيب، كان مأموراً به، والأمر يقتضي الوجوب (٢).


(١) انظر: "الفروع" لابن مفلح (١/ ١٢٣).
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٩٢ - ٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>