توضأ، فترك موضعَ ظُفْرٍ على قدمه، فأمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فقال:"ارجِعْ فأحسنْ وضوءك"، فرجع فتوضأ ثم صلى (١).
فهذه الأحاديث ونحوها تدل على اعتبار الموالاة.
نعم لا يضر الجفاف؛ لاشتغاله بالآخَر بسنَّةٍ، كتخليلٍ أو إسباغ، أو إزالةِ شكٍّ، والله أعلم.
وبعد فراغ سيدنا عثمان من وضوئه على النحو المشروح، (قال) - رضي الله عنه -: (مَنْ توضَّأَ) من المسلمين (نَحْوَ) أي قريبَ أو شِبْهَ، فإن لفظة "نحو" لا تطابق لفظة "مثل"، فإن لفظة "مثل" يقتضي ظاهرها المساواة من كل وجهٍ، إلا في الوجه الذي يقتضي التغاير بين الحقيقتين؛ بحيث تخرجهما عن الوحدة، ولفظة "نحو" لا تعطي ذلك.
قال ابن دقيق العيد: ولعلها استعملت بمعنى المثل مجازاً، أو لعله لم يترك مما يقتضي المثليةَ إلا ما لا يقدحُ في المقصود، فقد يظهر في الفعل المخصوص أن فيه أشياءَ ملغاةً عن الاعتبار في المقصود من الفعل، فإذا تركت هذه الأشياء، لم يكن الفعل مماثلاً حقيقةً لذلك الفعل، ولم يقدح تركُها في الفعل المقصود منه، وهو رفع الحدث، وترتُّب الثواب، وإنما احتيج إلى هذا؛ لأن هذا الحديث ذُكر لبيان فعلٍ يقتدى به يحصِّل للثواب الموعود عليه، فلا بد وأن يكون الوضوء المحكيُّ المعقول محصلاً لهذا الغرض؛ فلهذا قلنا: إما أن يكون استعمل "نحو" في غير حقيقتها، يعني: بمعنى "مثل"؛ أي: مثل (وضوئي هذا) الذي شاهدتموه، أو يكون ترك
(١) رواه مسلم (٢٤٣)، كتاب: الطهارة، باب: وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة.