للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى يجتمع اللبن في ضرعها، فإذا حلبها المشتري، استغزرها، فجائز أن يكون من الصر (١)، إلا أنه لما اجتمع في الكلمة ثلاث راءات، قلبت الثالثة ياءً، كما قالوا: تقضَّى في تقضَّض، وتصرَّى في تصرَّرَ، كراهيةً لاجتماع الأمثال (٢).

واستشهدوا لهذا بقول مالك بن نُويرة حين جمع بنو يربوع صدقاتهم ليوجهوا بها إلى الصدِّيق الأعظم أبي بكر - رضي الله عنه -، فمنعهم من ذلك، وقال: [من الطويل]

وَقُلْتُ خُذُوهَا هَذِهِ صَدَقَاتُكُمْ ... مُصَرَّرَةً أَحْلابُها لَمْ تُجَرَّدِ

سَأَجْعَلُ نَفْسِي دُونَ ما تَجِدُونَهُ ... وَأَرْهَنُكُمْ يَوْمًا بِما قُلْتُهُ يَدِي (٣)

واعلم: أنه لا خلاف بين العلماء أن التصرية حرام، لأجل الغش والخديعة التي فيها للمشتري، والنهي يدل عليه مع علم تحريم الخديعة قطعًا (٤).

ومعتمد مذهبنا: يثبت لمشترٍ بالتدليس الردُّ، ولو حصل التدليس في البيع بلا قصد من أحد؛ لأن عدم القصد لا أثر له في إزالة الضرر الحاصل للمشتري، وفيه وجه (٥).


(١) انظر: "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص: ٢٠٦ - ٢٠٧).
(٢) انظر: "المطلع على أبواب المقنع" لابن أبي الفتح (ص: ٢٣٦).
(٣) انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (٢/ ٢٤٠ - ٢٤٢)، و"معالم السنن" للخطابي (٥/ ٨٤ - ٨٥)، و"مشارق الأنوار" للقاضي عياض (٢/ ٤٣)، و"النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٢٧)، و"شرح مسلم" للنووي (١٠/ ١٦٠ - ١٦١)، و"تهذيب الأسماء واللغات" له أيضًا (٣/ ١٦٦).
(٤) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١١٦).
(٥) انظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (٣/ ٢٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>