للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول لبنُها لبنُ التصرية، وفي اليوم الثاني والثالث يجوزُ أن يكون نقص، لاختلاف العلف وتغير المكان، فإذا مضت الثلاثة، تحققت التصرية غالبًا، فثبت إذًا الخيار على الفور، ومعتمد المذهب: أنَّ له الخيار في الثلاثة أيام إلى انقضائها، وأن ابتداء الثلاث منذ تبينت التصرية.

وكذا لو رُدَّت مصراةٌ بعيب غير التصرية قياسًا عليها، ويتعدد الصاع بتعداد المصراة، وله ردُّها بعد رضاه بالتصرية بعيبٍ غيرِها، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها" ربما فُهِمَ منه اختصاص ثبوت الخيار بعد الحلب، والحال أنَّ الخيار ثابت قبل الحلب إذا عُلِمتْ التصرية.

وجوابه: أنه يثبت الخيار في هذين الأمرين المعينين، أعني: الإمساكَ، والردَّ مع الصاع، وهذا إنما يكون بعد الحلب، لتوقف هذين المعنيين على الحلب؛ لأن الصاع عوضٌ عن اللبن الذي نقص، ومن ضرورة ذلك الحلب، ويقبل ردَّ اللبن المحلوب من المصراة إن كان بحاله لم يتغير كردها قبل الحلب، وقد أقرَّ البائع له بالتصرية، أو ثبتت بينةٌ، فإن صار لبنها عادة، فلا خيار له، لزوال العيب الذي لأجله ثبت له الرد (١).

تنبيهات:

* الأول: ظاهرُ الحديث: تعيينُ كون المردود مع المصراة صاعَ تمر، ويتعين كونُه سليمًا، ولو زاد صاع التمر على المصراة قيمة، نصَّ عليه الإمام أحمد، لظاهر الخبر، ولا فرق بين قلة اللبن وكثرته.

قال في "المنتهى وشرحه": فإن عدم التمر حين ردَّ المصراة بمحل الردِّ، فقيمته؛ لأنها بدل عنه عند إعوازه، والمعتبر قيمته موضع عقد؛ لأنه


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٣/ ١١٨ - ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>