للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(تمرًا) بأن يحزر كم يجيء من العريَّة تمرًا، فيشتريها المشتري بمثل ما يؤول إليه الرطب إذا جف كيلًا؛ لأن الأصل اعتبار الكيل من الجانبين، سقط في أحدهما، وأقيم الخرص مكانه للحاجة، فيبقى الآخر على مقتضى الأصل (١).

ويعتبر كون ذلك لمحتاج الرطب، ولا ثمن معه، لما في "الصحيحين" وغيرهما عن محمود بن لبيد، قال: قلت لزيد - رضي الله عنه -: ما عراياكم هذه؟ فسمَّى رجالًا محتاجين من الأنصار شكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبًا، وعندهم فُضولٌ من التمر، فرخص لهم - صلى الله عليه وسلم - أن يبتاعوا العرايا بخرصها من التمر الذي في أيديهم (٢) (يأكلونه رطبًا)، فظاهره عدم اعتبار حاجة البائع، فلو احتاج إلى التمر،


(١) انظر: "المبدع" لابن مفلح (٤/ ١٤١).
(٢) قلت: عجيب أن ينسب الشارح -رحمه الله- هذا الحديث إلى "الصحيحين"، ولم يروياه، أو أحد من أصحاب الكتب المشهورة، وقد ذكره الإمام الشافعي في، "الأم" (٣/ ٥٤)، وفي "اختلاف الحديث" (ص: ٥٥٣)، عن محمود بن لبيد -
رضي الله عنه - دون إسناده.
قال الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير"، (٣/ ٢٩): هذا الحديث ذكره الشافعي في "الأم"، و"المختصر" بغير إسناد، وذكره البيهقي في "المعرفة" عن الشافعي معلقًا أيضًا، وقد أنكره محمد بن داود على الشافعي، وردَّ عليه ابن سريج إنكاره، ولم يذكر له إسنادًا، وقال ابن حزم: لم يذكر الشافعي له إسنادًا، فبطل أن يكون فيه حجة، وقال الماوردي: لم يسنده الشافعي؛ لأنه نقله من السير، انتهى.
قلت: ولعلَّ الشارح -رحمه الله- نقل الحديث عن كتب الحنابلة، حيث ذكر ابن قدامة هذا الحديث في "الكافي" (٢/ ٦٤)، ثم قال: متفق عليه، وتبعه على ذلك جمع من مصنفي الحنابلة، وهو وهم لا ريب فيه، والعصمة لله وحده.

<<  <  ج: ص:  >  >>