للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خشبه في جدار جاره، وإنما نرى أنَّ ذلك كان من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الوصاة بالجار (١)، قال: وأكثر علماءِ السلف أن ذلك على الندب، وقال قوم: هو واجب إذا لم يكن في ذلك مضرة على صاحب الجدار، وهو مذهب الإمام أحمد، وبه قال الشافعي في "القديم"، وأبو ثور، وداود، وجماعة من أصحاب الحديث، وهو قول عمر بن الخطاب، فقد روى

الشافعي عن مالك بسند صحيح: أن الضحاك سأل محمدَ بنَ مسلمةَ أن يسوق خليجًا له، فيمر به في أرض محمّد بن مسلمة، فامتنع، فكلمه عمر - رضي الله عنه - في ذلك، فأبى، فقال: والله! ليمرنّ به ولو على بطنك (٢)، فحمل عمر الأمر على ظاهره، وعدَّاه إلى كل ما يحتاج الجار الانتفاع به من جداره وأرضه (٣).

وقال الحافظ في "الفتح": قد قوى الشافعي في "القديم" القول بالوجوب بأنَّ عمر - رضي الله عنه - قضى به، ولم يخالفه أحدٌ من أهل عصره، فكان اتفاقًا منهم على ذلك (٤)، واعترضه العيني بأن ما ذكره مجردُ دعوى تحتاج إلى إقامة دليل (٥).

قلتُ: ولا يخفى على منصف أن الدّليل على مثبت الخلاف بين الصحابة الكرام، إذ النفْي مصحوب بالأصل، والله أعلم.


(١) رواه ابن عبد البر في "التمهيد" (١٠/ ٢٢٢).
(٢) رواه الإمام الشافعي في "مسنده" (ص: ٢٢٤)، وفي "الأم" (٧/ ٢٣٠ - ٢٣١) من طريق الإمام مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٤٦).
(٣) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ١٠ - ١١).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ١١١).
(٥) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٣/ ١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>