للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال مالك، والشافعي، ومحمد بن الحسن.

وروى ابن منصور عن الإمام أحمد فيمن غصب أرضًا فزرعها، ثم أصابها غرق من الغاصب: غرم قيمة الأرض، وإن كان سببًا من السماء، لم يكن عليه شيء، فظاهر هذا: أنَّها لا تضمن بالغصب، والمعتمد: بلى، كما علمت.

وقال أبو حنيفة، وأبو يوسف: لا يُتصور غصبُها، ولا تُضمن بالغصب، وإن أتلفها، ضمنها بالإتلاف؛ لأنه لا يوجد فيها النقل

والتحويل، فلم يضمنها، كما لو حال بينه وبين متاعه، فتلف المتاع، ولأن الغصب إثبات اليد على المتاع عدوانًا على وجهٍ تزول به يد المالك، ولا يمكن ذلك في العقار.

ولنا: ما ذكرنا من الأحاديث، وفي بعض ألفاظها: "من غصب شبرًا من الأرض" (١)، وفي بعضها: "من سرق" (٢)، وفي بعضها: "من اقتطع" (٣)، وفي بعضها: "من ظلم" (٤)، وفي بعضها: "من أخذ" (٥)، فأخبر المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: أنّه يغصب ويظلم فيه، ولأن ما ضمن في البيع، وجب ضمانه في الغصب، كالمنقول، ولأنه يمكن الاستيلاء عليه على وجهٍ يحول بينه وبين مالكه، مثل أن يسكن الدار، ويمنع مالكها من دخولها، فأشبه ما لو أخذ الدابة والمتاع، وأما إذا حال بينه وبين متاعه، فما استولى على


(١) تقدّم تخريجه عند مسلم برقم (١٦١١) بلفظ: "لا يأخذ أحد شبرًا. . .".
(٢) تقدم تخريجه من حديث يعلى بن مرة - رضي الله عنه -.
(٣) رواه مسلم (١٦١٠)، كتاب: المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>