للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعودني) جملةٌ وقعت حالًا (عام حجّة الوداع)، وسعد - رضي الله عنه - يومئذٍ بمكة (من وَجَعٍ اشتدَّ بي)، وفي لفظٍ: "من وجعٍ أشفيت منه على الموت" (١)، واتفق أصحاب الزهري على أنّ ذلك كان في حجّة الوداع، إلّا ابن عيينة قال: في فتح مكة، أخرجه الترمذي (٢) وغيره، واتفق الحفاظ على أنه وهم فيه، على أنه قد ورد ما يؤيد كلام ابن عيينة، فقد أخرج الإمام أحمد، والبزار، والطبراني، والبخاري في "التاريخ"، وابن سعد من حديث عمرو بن القاري: أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدِم، فخلف سعدًا مريضًا، حيث خرج إلى حنين، فلما قدم من الجعرانة معتمرًا، دخل عليه وهو مغلوب، فقال: يا رسول الله! إنّ لي مالًا، وإني أورث كَلالَةً، أفأوصي بمالي؟ الحديث (٣)، ويمكن الجمع بأنّ ذلك وقع مرّتين، وأنه في الفتح لم يكن له وارث من الأولاد (٤)، فإن لم يحمل على التعدد، وإلّا فالصحيح ما في "الصحيح"، والله أعلم.

قال سعد: (فقلتُ: يا رسولَ الله! قد بلغ بي من الوجع ما ترى) فيه دليل على عيادة الإمام أصحابه، ودليلٌ على ذكر شدّة المرض لا في معرض الشكوى (٥)، (وأنا ذو مال) جملة حالية، وفيه التحدث بما أنعم الله عليه، (ولا يرثني إلا ابنة لي) جملة وقعت حالًا، وابنة سعد هذه تسمى عائشة، ولم يكن له يومئذٍ غيرها، ثم عوفي من ذلك المرض، ورزق أولادًا كثيرًا،


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٤١٤٧)، وعند مسلم برقم (١٦٢٨/ ٥).
(٢) تقدم تخريجه عند الترمذي برقم (٢١١٦).
(٣) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٤/ ٦٠)، وابن سعد في "الطبقات الكبرى" (٣/ ١٤٦).
(٤) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٣٦٣ - ٣٦٤).
(٥) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>