واستدل ابن عباس - رضي الله عنهما - لمذهبه بقوله -تعالى-: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}[النساء: ١٧٦]، وكان يقول:{أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ}[البقرة: ١٤٠]؟ يعني: أنّ الله لم يجعل لها النصف إِلَّامع عدم الولد، وأنتم تجعلون لها النصف مع الولد، وهو البنت، والصواب قول عمر والجمهور، ولا دلالة في هذه الآية على خلاف ذلك؛ لأن المراد بقوله:{فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَك}[النساء: ١٧٦] بالفرض، وهذا مشروطٌ بعدم الولد بالكلية، ولهذا قال بعده:{فَإِن كَانَتَا اْثنَتَين فَلَهُمَا الْثلثُانِ مِمَّا تَرَك] [النساء: ١٧٦] يعني: بالفرض، والأخت الواحدة إنما تأخذ النصف مع عدم وجود الولد الذكر والأنثى، وكذلك الأختان فصاعدًا إنما يستحقان الثلثين مع عدم وجود الولد الذكر والأنثى، فإن كان هناك ولد، فإن كان ذكرًا، فهو مقدم على الإخوة مطلقًا، وإن لم يكن هناك ولد ذكر، بل أنثى، فالباقي بعد فرضها يستحقه الأخ مع أخته بالاتفاق، فإذا كانت الأخت لا يسقطها أخوها، فكيف يسقطها من هو أبعد منه من العصبات، كالعم وابنه، وإذا لم يكن العصبة الأبعد مسقطًا لها، فيتعين تقديمها عليه، لامتناع مشاركته لها، فمفهوم الآية أن الولد يمنع أن يكون للأخت النصف بالفرض، وهذا حقٌّ، لا أن مفهومها أنّ الأخت تسقط بالبنت، ولا تأخذ ما فضل عن ميراثها، يدل عليه قوله -تعالى-: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ}[النساء: ١٧٦]، وقد أجمعت الأمة على أن الولد الأنثى لا يمنع الأخ أن يرث من مال أخته ما فضل عن البنت أو البنات، وإنما وجود الولد الأنثى يمنع أن يحوز الأخ ميراث أخته كلّه، فكما أن الولد إن كان ذكرًا منع الأخ من الميراث، وإن كان أنثى، لم يمنعه الفاضل من ميراثها، وإن منعه حيازة الميراث، فكذلك الولد إن كان ذكرًا،