للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أن تكون على بابها؛ فإنّ التقوى سببٌ لغض البصر وتحصين الفرج، وفي معارضتها الشهوة والداعي إلى النكاح، وبعدَ النكاح يضعف هذا المعارض، فيكون أغضَّ للبصر، وأحصنَ للفرج مما إذا لم يكن، فإنّ وقوع الفعل مع ضعف الداعي إلى وقوعه أندرُ من وقوعه مع وجود الداعي (١).

قال ابن القيّم في "بدائع الفوائد" في الاستدلال على أنّ النكاح أفضلُ من التخلي لنوافل العبادات: ولو لم يكن فيه إلّا تعديل قوته الشهوانية الصارفة له عن تعلق قلبه بما هو أنفع له في دينه ودنياه، فإن تعلّق القلب بالشهوة، ومجاهدته عليها، تصده عن تعلّقه بما هو أنفع له، فإنّ الهمة متى انصرفت إلى شيء، انصرفت عن غيره، ولو لم يكن فيه إلّا غضُّ بصره، وإحصان فرجه عن التفاته إلى ما حرّم الله، مع تحصينِ امرأةٍ يُعفها الله به، ونيّته على قضاء وطره ووطرها، فهو في لذّاته وصحائف حسناته تتزايد مع

ما يثاب عليه من نفقته على امرأته، وكسوتها وسكنها، ورفع اللقمة إلى فيها، مع تكثير الإسلام وأهله، وغيظ أعداء الدين، يعني: لكفاه (٢).

(ومن لم يستطع)؛ أي: ومن لم يقدر على ذلك (فعليه بالصوم) اعترضه بعض المدققين بأنه إغراء الغائب، قال: فلا يجوز دونه زيدًا، أو لا عليه زيدًا عند إرادة غير المخاطب، وإنما جاز للحاضر، لما فيه من دلالة الحال، بخلاف الغائب، فلا يجوز، لعدم حضوره ومعرفته بالحالة الدّالة على المراد، وقد جاء شاذًا قول بعضهم: عليه رجلًا يسبني، على جهة الإغراء، وأجاب عياض بأن المثال ما فيه حقيقة الإغراء، وإن كانت


(١) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٤/ ٢٣).
(٢) انظر: "بدائع الفوائد" لابن القيم (٣/ ٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>