للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما وقع في "مسلم": أنّ أبا سفيان هو الذي زوّجه إياها (١)، فإشكال معروف عند العلماء، وقد أطال المقالة على ذلك الإمام ابن القيّم في كتابه "جلاء الأفهام" (٢)، وغيره، فإنّ أم حبيبة تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل إسلام أبي سفيان، كما بيّنا، زوجه إياها النجاشيُّ، ثم قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يسلم أبوها.

وقد أجاب العلماء عن الحديث الذي ذكره مسلم، وهو ما رواه في "صحيحه" من حديث عكرمة بن عمّار، عن أبي زميل، عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -، قال: كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان، ولا يقاعدونه، فقال لنبيِّ الله - صلى الله عليه وسلم -: يا نبيّ الله! ثلاث خلال أعطنيهن، قال: "نعم"، قال: عندي أحسن العرب وأجمله، أمُّ حبيبةَ بنتُ أبي سفيان، أزوجكها؟ قال: "نعم"، قال: ومعاوية تجعله كاتبًا بين يديك، قال: "نعم"، قال: وتأمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين، قال: "نعم"، قال: أبو زميل: ولولا أنه طلب ذلك من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ما أعطاه ذلك؛ لأنه لم يكن يُسأل شيئًا إلا قال: نعم (٣)، بأجوبة، حتى قالت طائفة بأنه كذب لا أصل له.

قال ابن حزم: كذّبه عكرمةُ بن عمار، وحمل عليه، واستعظم ذلك آخرون، وقالوا: أَنَّى يكون في "صحيح مسلم" حديث موضوع؟ وذكر جوابَ كلّ طائفة عن ذلك، وما فيه من قدح، ثم صوّب كون الحديث غيرَ


(١) سيأتي تخريجه قريبًا.
(٢) انظر: "جلاء الأفهام" لابن القيم (ص: ٢٤٣) وما بعدها.
(٣) رواه مسلم (٢٥٠١)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي سفيان - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>