للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يؤيد كونها على صفة الحربة؛ لأنها من آلات الحبشة (١).

وصرح ابن الأثير في "النهاية" بذلك، فقال: العنزةُ مثلُ نصف الرمح، أو أكبر شيئاً، وفيها سنانٌ مثل سنان الرمح، والعكازة قريبٌ منها، وقد تكرر ذكرها في الحديث، انتهى (٢).

فإن قلت: أي مناسبةٍ لذكر العنزة في تعاطي التخلي؟

فالجواب: ما أشار إليه الحافظ ابن حجرٍ: أن المراد بـ (الخلاء) في هذا الحديث: الفضاءُ الواسع، يؤيده ما في بعض الروايات: كان إذا خرج لحاجته (٣)، ولقرينة حمل العنزة مع الماء؛ فإن الصلاة إلى العنزة إنما تكون حيث لاسترة غيرها، وأيضاً أخليةُ البيوتِ، وكأن خدمته - صلى الله عليه وسلم - فيها متعلقة بأهله.

قال الحافظ ابن حجرٍ: وفهم بعضهم من تبويب البخاري؛ أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة، وفيه نظرٌ؛ لأن ضابط السترة في هذا ما يستر الأسافل، والسترة ليست كذلك.

نعم، يحتمل أن يركزها أمامه، ويضع عليها الثوب، أو يركزها بجنبه لتكون إشارة إلى منع من يروم المرور بقربه، أو تحمل لِنَبْشِ الأرض الصلبة، أو منع ما يعرض من هوام الأرض؛ لكونه - صلى الله عليه وسلم - كان يبعد عند قضاء الحاجة، أو كانت تحمل لأنه كان إذا استنجى، توضأ، وإذا توضأ، صلى. واستظهر هذا على غيره في "الفتح" (٤)، والله أعلم.

* * *


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٥٢).
(٢) انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (٣/ ٣٠٨).
(٣) وهي رواية البخاري المتقدم تخريجها في حديث الباب.
(٤) انظرت "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>