للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا يحل)، استدل به على تحريم الإحداد على غير الزوج، وهو واضح، وعلى وجوب الإحداد المدة المذكورة على الزوج، واستشكل بأن الاستثناء وقع بعد النفي، فيدل على الحل فوق الثلاث على الزوج، لا على الوجوب، وأجيب بأن الوجوب اسْتُفِيدَ من دليلٍ آخر كالإجماع، ورُد نقلُ الإجماع بأن المنقول عن الحسن البصري: أن الإحداد غيرُ واجب، أخرجه ابن أبي شيبة (١)، ونقل الخلال بسنده عن الإمام أحمد عن هشيم، عن داود، عن الشعبي: أنه كان لا يعرف الإحداد.

قال الإمام أحمد: ما كان بالعراق أشد تَبَحُّرًا من هذين -يعني: الحسن والشعبي-، قال وخفي ذلك عليهما، ثم إن مخالفتهما لا تقدح في الاحتجاج، نعم يرد القول بدعوى الإجماع (٢).

وفي "الشرح الكبير" للإمام شمس الدين بن أبي عمر نفى الخلافَ بين أهل العلم بوجوب الإحداد، إلا عن الحسن.

قال: وهو قول قد شذّ به عن أهل العلم، وخالف فيه السنّة، فلا يعرَّج عليه (٣).

وسبقه إلى مثل ذلك ابن المنذر.

وقال الإمام ابن القيم في "الهدي": أجمعت الأمة على وجوبه على المتوفَّى عنها زوجُها، إلا ما حُكي عن الحسن، والحكم بن عُيينة، أما الحسن، فروى حماد بن سلمة عن حميد عنه: أن المطلقة ثلاثًا، والمتوفى عنها زوجها يكتحلان ويمتشطان ويتطيبان ويختضبان وينتقلان ويصنعان


(١) رواه ابن أبي شبية في "المصنف" (١٩٢٩٠).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٨٥ - ٤٨٦).
(٣) انظر: "الشرح الكبير" لابن أبي عمر (٩/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>