للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديث سهل بن سعد الساعدي: أنه طلقها ثلاثًا، فأنفذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورواه أبو داود (١).

وأجاب القائلون بالفرقة بمجرد تمام اللعان بدون تفريق الحاكم: أن اللعان معنى يقتضي التّحريم المؤبد، فلم يقف على تفريق الحاكم، كالرضاع، ولأن الفرقة لو وقفت على تفريق الحاكم، لساغ تركُ التفريق إذا كرهه الزوجان كالتفريق، بالعيب والإعسار.

وأما قوله: فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما، فيحتمل ثلاثة أمور: إنشاء الفرقة، والإعلام بها، والإلزام بموجبها من الفرقة الحسية.

وأما قوله: كذبتُ عليها إن أمسكتها، فلا يدل على أن إمساكها بعد اللعان مأذون فيه شرعًا، بل هو بادرَ إلى فراقها، فكان الأمر صائرًا إلى ما بادر إليه.

وأما طلاقه ثلاثًا، فما زاد الفرقة الواقعة إلا تأكيدًا، فإنها حرمت عليه تحريمًا مؤبدًا، فالطلاق تأكيد لهذا الفراق، فكأنه قال: لا تحل لي بعد هذا.

وأما إنفاذ الطلاق عليه، فتأكيد لموجبه من التحريم، فإنها إذا لم تحل له باللعان أبدًا، كان الطلاق الثلاث تأكيدًا للتحريم الواقع باللعان، فهذا معنى نفاذه فلم ينكره - صلى الله عليه وسلم -، وسهل لم يحك لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: وقع طلاقك، وإنما شاهد القصة، وعدمَ إنكار النبي - صلى الله عليه وسلم - للطلاق، فظن ذلك تنفيذًا، وهذا صحيح بهذا الاعتبار (٢).


(١) تقدم تخريجه عند أبي داود برقم (٢٢٥٠).
(٢) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٣٨٨ - ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>