للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما وقع في "الغنية" عن مالك من عدم الكراهة، قد أنكره حذاقُ أصحابه.

وقيل: الحكمة في النهي؛ لكون اليمين معدةً للأكل بها، فلو تعاطى ذلك بها، لأمكن أن يتذكره عند الأكل، فيتأذى بذلك (١).

(ولا يتنفس في الإناء)؛ أي: الوعاء. وهذه جملةٌ جزئيةٌ مستقلةٌ إن كانت "لا" نافية، وإن كانت "لا" ناهية، فمعطوفةٌ، لكن لا يلزم من كون المعطوف عليه مقيداً بقيدٍ أن يكون المعطوف مقيداً به؛ لأن التنفس لا يتعلق بحالة البول، وإنما هو حكمٌ مستقل، ويحتمل أن تكون الحكمة في ذكره هنا: أن الغالب من أخلاق المؤمنين التأسي بأفعال النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد كان إذا بال يتوضأ، وثبتَ أنه شرب فضل وضوئه، فالمؤمن بصدد أن يفعل ذلك، فعلمه أدب الشرب مطلقاً لاستحضاره (٢).

والنهي عن التنفس في الإناء مختصٌّ بحالة الشرب كما دل عليه سياق الرواية؛ ففي "الصحيحين" عن أبي قتادة: نهى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتنفس في الإناء (٣).

وفي حديث أنس عندهما: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتنفس في الإناء ثلاثاً" (٤).


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٢٥٥).
(٢) المرجع السابق، الموضع نفسه، وانظرت "عمدة القاري" للعيني (٢/ ٢٩٧).
(٣) تقدم تخريجه في حديث الباب.
(٤) رواه البخاري (٥٣٠٨)، كتاب: الأشربة، باب: الشرب بنفَسين أو ثلاثة، ومسلم (٢٠٢٨)، كتاب: الأشربة، باب: كراهة التنفس في نَفْسِ الإناء، واستحباب التنفس ثلاثاً خارج الإناء.

<<  <  ج: ص:  >  >>