للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجتمع بها، ولو طلّقها في المجلس، وقيل: لا تصير فراشًا إلا بالعقد والدخول المحقق إمكانه، لا المشكوك فيه، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: إن الإمام أحمد أشار إليه في رواية حرب، وصححه ابن القيّم في "الهدي"، وجزم به، قال: وإلّا، فكيف تصير المرأة فراشًا، ولم يدخل بها الزوج، ولم يَبْنِ بها لمجرد إمكان بعيد؟ ونكت على من خالفه، وفي الأمَة: لا يثبت كونُها فراشًا إلّا بوطئها، خلافًا لبعض متأخري المالكية من أن الأمَة التي تُشترى للوطء دون الخدمة تصير فراشًا بنفس الشراء (١)، (وللعاهر)؛ أي: الزاني (الحجر)؛ أي: الخيبة والحرمان؛ أي: حظه ذلك، ولا شيء له في الولد، فيكون كناية عن الحرمان فيما ادعاه من النسب، لعدم اعتبار دعواه مع وجود الفراش كما يقال: بفيهِ الحجر، وقيل: هو على ظاهره؛ أي: الرجم بالحجارة، ورُد بأن الرجم خاص بالمحصَن، وأنه لا يلزم من الرجم نفيُ الولد الذي الكلام فيه، فلم يحكم - صلى الله عليه وسلم - بالشبه.

قال البدر العيني: وفيه حجةٌ قويةٌ للحنفية في منع الحكم بالقائف (٢)، انتهى.

قلت: لا قوة لهذه الحجة، بل لا حجة؛ لأن الفراش مقدَّم على الشبه، ولم يقابله فراش مثله، بل لا عبرة لكل من القَافَة والشبه مع الفراش، فليس هذا من محل النزاع، كما لا يخفى.

ثم قال - صلى الله عليه وسلم - لزوجته أم المؤمنين سودة بنت زمعة - رضي الله عنها -: (واحتجبي منه) أي: من ابن أمَة زمعة (يا سَودةُ)، لاحتمال كونه انعقدَ من


(١) انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (٥/ ٤١٥ - ٤١٦).
(٢) انظر: "عمدة القاري" للعيني (١٢/ ٢٦٠، ٢٤/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>