للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستقذزه؛ إذ كان التقذرُ في مثل ذلك عادةً غالبةً على طباع أكثر الناس.

قال: ومحل هذا: إذا أكل أو شرب مع غيره، أما لو أكل وحده، أو مع أهله، أو مع من يعلم أنه لا يقذر شيئاً مما يتناوله، فلا بأس.

واعترضه الحافظ ابن حجرٍ: بأن الأولى: تعميمُ المنع؛ لأنه لا يؤمَنُ مع ذلك أن يفضل فضلة، أو يحصل التقذر من الإناء، أو نحو ذلك.

وقال ابن العربي: قال علماؤنا: هو من مكارم الأخلاق، ولكن يحرم على الرجل أن يناول أخاه ما يقذره، فإن فعَلَهُ في خاصَّةِ نفسه، فجاء غيرُه فناوله إياه، فليُعْلِمْه، فإن لم يُعلمه، فهو غش، والغش حرامٌ. كذا قال (١).

تنبيه:

أومأ بعضُ العلماء أن التنفس في الإناء من خصائصه - صلى الله عليه وسلم -. ويردُّه ما ذكرناه من قول أنسٍ - رضي الله عنه -، ولأنَّ محملَه على ما ذكرنا، لا ما توهمه من ظن المعارضة، وقد أخرج الطبراني في "الأوسط " بسندٍ حسنٍ عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشرب في ثلاثة أنفاسٍ، إذا أدنى الإناء إلى فيه، سمى الله، فإذا أخره، حَمِدَ الله، يفعل ذلك ثلاثاً (٢).

وأصله في ابن ماجه (٣)، وله شاهدٌ من حديث ابن مسعودٍ عند البزار، والطبراني (٤).


(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٠/ ٩٤).
(٢) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (٨٤٠). وقال ابن أبي حاتم في "العلل" (٢/ ٢٩٤): سألت أبي عنه، فقال: هذا حديث منكر.
(٣) تقدم تخريجه بلفظ: "إذا شرب أحدكم، فلا يتنفس في الإناء، فإذا أراد أن يعود، فلينح ... ".
(٤) رواه البزار في "مسنده" (١٧٥٢)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٠٤٧٥)، وفي "المعجم الأوسط" (٩٢٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>