للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنًا، (فسكت) عبد الرحمن - رضي الله عنه -، امتثالًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (فتكلما)؛ أي: محيصة وحويصة في أمر عبد الله بن سهل، وأنه وجد قتيلًا في بعض نواحي خيبر، فقالوا للذي وجد فيهم: قتلتم صاحبنا؟ قالوا: ما قتلنا, ولا علمنا قاتلًا (١).

واعلم أن حقيقة الدعوى إنما هي لأخيه عبد الرحمن، لا حقّ فيها لابن عمه، وإنما أمرَ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلم الأكبرُ، وهو حويصة؛ لأنه لم يكن المراد بكلامه حقيقة الدعوى، بل صورة القصة، وكيف جرت، فإذا أراد حقيقة الدعوى، تكلم صاحبها، ويحتمل أن عبد الرحمن وكّلَ حويصةَ ومحيصةَ في الدعوى، أو أمر بتوكيله.

وفي هذا فضيلة السنن عند التساوي في الفضائل، وله نظائر منها: الإمامة، وولاية النكاح، وغيرها (٢).

(فقال) -عليه الصلاة والسلام- لهم: تأتون بالبيّنة على من قتله، فقالوا: ما لنا بيّنة، قال: (أتحلفون) خمسين يمينًا؟ كما يأتي (وتستحقون صاحبكم أو) قال: (قاتلكم)، يعني: دمه، وليس في رواية يحيى ولا أبي قلابة للبيّنة ذكرٌ (٣).

قال النووي: قال القاضي حديث القسامة أصل من أصول الشرع، وقاعدة من قواعد الأحكام، وركن من أركان مصالح العباد، وبه أخذ كافة الأمّة من الصحابة والتابعين ومَنْ بعدهم من علماء الأمصار الحجازيين


(١) تقدم تخريجه عند البخاري برقم (٦٥٠٢).
(٢) انظر: "شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٤٦).
(٣) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>