للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعورضوا بأنه أذن لهم في شربها للتداوي (١).

وتعقب بأن التداوي ليس حال ضرورة؛ بدليل أنه لا يجب، فكيف يُباح الحرام لما لا يجب؟

وأجيب: بمنع أنه ليس حال ضرورة، بل هو حال ضرورة إذا أخبره بذلك من يعتمد على خبره، وما أبيح للضرورة لا يسمى حرامًا وقتَ تناوله؛ لقوله -تعالى-: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٢) [الأنعام: ١١٩].

ولنا: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لم يجعل شفاءَ أُمتي فيما حَرَّمَ عليها" رواه أبو داود من حديث أم سلمة (٣)، وروي من طريق في البخاري وغيره -أيضًا- (٤)، والنجس حرام، فلا ويُتداوى به؛ لأنه غير شفاء، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في جواب من مسألة عن التداوي بالخمر: "إنها ليست بدواء، إنها داء" رواه مسلم (٥).

وقد جاء في حديث عن ابن عباس مرفوعًا: "إن في أبوال الإبل شفاء للذربة" رواه ابن المنذر (٦)، والذربة: فساد المعدة، فلولا أن أبوال الإبل


(١) انظر: "عارضة الأحوذي" لابن العربي (١/ ٩٧).
(٢) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ٣٣٨).
(٣) رواه أبو داود (٣٨٧٤)، كتاب: الطب، باب: الأدوية المكروهة، لكن من حديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - بلفظ: "إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا، ولا تداووا بحرام".
(٤) رواه البخاري في "صحيحه" (٥/ ٢١٢٩)، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - معلقًا عليه من قوله.
(٥) رواه مسلم (١٩٨٤)، كتاب: الأشربة، باب: تحريم التداوي بالخمر، من حديث طارق بن سويد - رضي الله عنه -.
(٦) ورواه الإمام أحمد في "مسنده" (١/ ٢٩٣)، والطبراني في "المعجم الكبير" (١٢٩٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>