للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأنصاريَّ الخزرجيَّ -رضي الله عنهما- (يقول: كنت فيمَنْ)؛ أي: في الجمع الذي (رجمَهُ)؛ أي: رجمَ ماعز بن مالك، (فرجمناه بالمصلَّى).

فيه دليل على أن الحدود إنما تقام خارج المساجد.

وروى حكيمُ بنُ حِزام - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يُستقاد في المسجد، وأن تُنشد فيه الأشعار، وأن تقام فيه الحدود (١)؛ لأنه لا يؤمَن أن يحدث من المحدود شيء يتلوث به المسجد، فإن أقيم فيه، سقط الفرض عنه؛ لحصول المقصود، وهو الزجر؛ لأن المرتكب للنهي غيرُ المحدود، فلم يمنع ذلك سقوطَ الفرض عنه؛ كما لو اقتصّ في المسجد (٢).

(فلما أَذْلَقَتْه)؛ أي: لما أصابت (الحجارةُ) ماعزًا بحدِّها، ومنه: سنان مذلق؛ أي: حادّ، قال في "القاموس": ذلقَ السكينَ: حَدَّدَهُ؛ كذَلَّقَه، وأَذْلَقَه، والسَّمُومُ أو الصومُ فلانًا: أضعفه، وذَلِق اللسانُ؛ كفَرِحَ: ذَرِبَ، وقال -أيضًا- ذَلِقَ اللسانُ؛ كفرح ونصر وكرم، فهو ذليق، والذَلَقٌ -بالفتح-، وكصُرَد، وعُنُق؛ أي: حديد بليغ بيّنُ الذلاقة، ويقال: أذلقه؛ أي: أقلقه وأضعفه (٣)، وهذا الذي ينبغي أن يُحمل عليه ما في هذا الحديث.

(هرب، فأدركناه بالحَرَّة)، وهو موضع معروف بالمدينة، وأصلُها كلُّ أرض ذاتِ أحجار سودٍ، وذلك لشدة حرها، ووهج الشمس فيها، وجمعُها


(١) رواه أبو داود (٤٤٩٠)، كتاب: الحدود، باب: في إقامة الحد في المسجد، والإمام أحمد في "المسند" (٣/ ٤٣٤)، وغيرهما.
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (١٠/ ١٢٧).
(٣) انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: ١١٤٣)، (مادة: ذلق).

<<  <  ج: ص:  >  >>