للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيهات:

الأول: متى رجع المقرّ عن إقراره، قُبل منه، وإن رجع في أثناء الحد، لم يتمم؛ لأن من شرط إقامة الحد بالإقرار البقاءَ عليه إلى تمام الحد، وبهذا قال عطاء، ويحيى بن يعمر، والزهري، وحماد، ومالك، والشافعي، وإسحاق، وأبو حنيفة، وأبو يوسف.

وقال الحسن، وسعيد بن جبير، وابن أبي ليلى: يُقام عليه الحد، ولا يُترك؛ لأن ماعزًا هرب، فقتلوه، وروي أنه قال: رُدُّوني إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن قومي هم غَرُّوني من نفسي، وأخبروني أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - غيرُ قاتلي، فلم ينزعوا عنه حتى قتلوه، رواه أبو داود (١)، ولو قُبل رجوعه، للزمتهم ديتُه، ولأنه حقٌّ وجب بإقراره، فلم يقبل رجوعُه؛ كسائر الحقوق.

وحكي عن الأوزاعي: أنه إن رجع، حُدَّ للفرية على نفسه، وإن رجع عن السرقة والشرب، ضُرِب دونَ الحَدّ (٢).

وفي "الإفصاح" للإمام عون الدين بن هبيرة: أن الإمام مالكًا فَصَّل في رجوعه عن إقراره بأنه إن رجع عن الإقرار بشبهة يُعذر بها؛ مثل أن يقول: إني وطئت في نكاح فاسد، أو ظننت أنها جارية مشتركة، أو نحو ذلك، قُبل رجوعه؛ كمذهب الجمهور، وأما إن رجع عن الإقرار بالزنا بغير شبهة، ففيه عنه روايتان:

إحداهما: يُقبل رجوعه؛ كمذهب الجماعة.


(١) رواه أبو داود (٤٤٢٠)، كتاب: الحدود، باب: رجم ماعز بن مالك، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما-.
(٢) انظر: "شرح المقنع" لابن أبي عمر (١٠/ ١٣٨ - ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>