للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أحسنَ منهُ)؛ أي: من ذلكَ الاستياك الذي فعلَه - صلى الله عليه وسلم - حينئذٍ.

(فما عدا)؛ أي: ما تجاوزَ (أن فرغَ) أن -بفتح الهمزة وسكون النون -: مصدرية؛ أي: ما عدا فراغَ (رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -) من استنانه بالسواك، حتى (رفعَ يدَه). وفي روايةٍ: "ثم نصبَ يده" (١)، (أو) قالت: رفع (إصبعَه).

وفي روايةٍ: "فرفع برأسه إلى السماء" (٢)، (ثم قال) - صلى الله عليه وسلم - بعد رفع يده أو إصبعه أو رأسه، ولا تدافع في شيء من ذلك؛ لأنه رفع إصبعه المسبحة بعد نصب يده، ورفع رأسه ليرمُقَ السماءَ: (في الرفيق الأعلى، ثلاثاً) من المرَّات، إشارةً إلى قوله - تعالى -: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩].

قال ابن دقيق العيد: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الرفيق الأعلى": يجوز أن يكون الأعلى صفةً من الصفات اللازمةً التي ليس لها مفهومٌ يخالف المنطوق، كما في قوله: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ} [المؤمنون: ١١٧]، وليس ثَمَّ داعٍ إلهاً له به برهان، وكذلك: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [البقرة: ٦١]، ولا يكون قتلُ النبيين إلا بغير الحق، فيكون الرفيق لم يطلق إلا على الذي اختص الرفيق به، ويقوي هذا ما ورد في بعض الروايات، "وأَلْحِقْني بالرفيق" (٣) ولم يصفه بالأعلى، وذلك دليل على أنه


(١) وهي رواية البخاري المتقدم تخريجها برقم (٤١٨٤) في حديث الباب.
(٢) وهي رواية البخاري المتقدم تخريجها برقم (٤١٨٦) في حديث الباب.
(٣) رواه البخاري (٤١٧٦)، كتاب: المغازي، باب: مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته، ومسلم (٢٤٤٤)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <  ج: ص:  >  >>