للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(عن) أمير المؤمنين أبي حفص (عمرَ) بنِ الخطاب (- رضي الله عنه -، قال: قلت: يا رسول الله! إني كنت نذرتُ في) أيام (الجاهلية) قبل أن أسلم (أن أعتكف ليلة، وفي رواية: يومًا في المسجد الحرام) المكي -زاده الله تشريفًا وتعظيمًا-، (قال) -عليه الصلاة والسلام- مجيبًا لعمر - رضي الله عنه -: (فأوفِ بنذرك) الذي نذرته، ولو كان نذرُك له في أيام الجاهلية، وتقدم الحديث وشرحه في باب الاعتكاف، وإنما أعاده هنا؛ لأنه ذكره هناك مستدلًا به على عدم اعتبار الصوم في الاعتكاف، وهنا مستدلًا به على صحة النذر من الكافر كما جزم به علماؤنا.

قال في "الفروع" في النذر: ولا يصح إلا من مكلف -ولو كافرًا- بعبادة، نص عليه (١)؛ يعني: الإمام أحمد - رضي الله عنه -.

قال ابن دقيق العيد: يَستدل به من يرى صحةَ النذر من الكافر.

قال: وهو قول، أو وجه في مذهب الشافعي.

قال: والأشهر أنه لا يصح؛ لأن النذر قربة، والكافر ليس من أهل القُرَب، ومن يقول بهذا يحتاج إلى أن يؤول الحديث بأنه أمر بأن يأتي باعتكاف يوم شبيه بما نذر لِئَلا يخل بعبادة نوى فعلها، فأطلق عليه أنه منذور؛ لشبهه بالمنذور، وقيامِه مقامَه في فعل ما نواه من الطاعة، وعليه: إما أن يكون قوله: "فأوف بنذرك" من مجاز الحذف، أو مجاز التشبيه.

وظاهر الحديث خلافه؛ لعدم الملجىء إلى مثل هذا التأويل، وارتكاب ما هو خلاف الأصل (٢).


(١) انظر: "الفروع" لابن مفلح (٦/ ٣٥٣).
(٢) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (٢/ ٢٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>