للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمع المسلمون على نصب القُضاة للفصل بين الناس، وهو فرض كفاية كالإمامة، فعلى الإمام أن ينصّب بكل إقليم قاضيًا، وعليه أن يختار لذلك أفضل من يجد علمًا وورعًا، ويأمره بالتقوى وتحري العدل، ويأمره أن يستخلف في كل صُقْع أفضل من يجد.

ويجب على من يصلح للقضاء -إذا طلب ولم يوجد غيره ممن يوثق به- أن يدخل فيه إن لم يشغله عما هو أهمُّ منه، ومع وجود غيره ممن يصلح الأفضلُ أَلَّا يجيب، وكره له طلبه إذًا، ويحرم بذلُ مال فيه، وأخذُه، وتصح توليةُ مفضول مع وجود أفضل منه، وتوليةُ حريصٍ عليها.

وولايته رتبة دينية، ونصبة شرعية، وفيه فضل لمن قوي على القيام به.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والواجب اتخاذُها دينًا وقربة؛ فإنها من أفضل القُربات، وإنما فسد حال الأكثر لطلب الرئاسة والمال بها، انتهى (١).

وفيه خطر عظيم ووزرٌ كبير لمن لم يؤدِّ الحقَّ به، فمن عرف الحقَّ ولم يقض به، أو قضى على جهل، ففي النار، ومن عرف الحق وقضى به، ففي الجنّة.

وكان من طريقة السلف الامتناع من الدخول فيه.

وإذا لم يمكنه القيامُ بالواجب؛ لظلم السلطان أو غيره، حرم، وتأكد الامتناع (٢).


= إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، ومسلم (١٧١٦)، كتاب: الأقضية، باب: بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ.
(١) انظر: "الفتاوى المصرية الكبرى" لشيخ الإسلام ابن تيمية (٤/ ٦٢٤).
(٢) انظر: "الإقناع" للحجاوي (٤/ ٣٨٩ - ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>